أقلام حرة

بــراكــين الــغــضــب

hasan zayedدعك من تحليل الحادث، والوقوف علي أبعاده، ومراميه، ومن يقف وراءه، ويخطط له، و يموله، ومن يسوق له. وضع معي أذنيك علي صدر كل مصري، وقل لي: ماذا تسمع؟. هل تسمع ما سمعت أنا؟. إنني أسمع أنيناً، وأزيزاً. انظر معي في العيون، وقل لي: ماذا تري في مآقيها؟. إني أري حزن دفين، ودمعة حائرة، قد تجمدت في مآقيها. هل رأيت مواكب النور وهي مصطفة داخل النعوش علي أكتاف الرجال؟. أنا رأيتها. مشهد مهيب، حين تري النعوش، وهي تلتحف رايات الوطن، راية وقف تحتها الشهيد محيياً، مدافعاً، مستشهداً. قل لي بالله عليك: هل اهتز الرجال تحت النعوش؟. لا والله، لقد رأيتهم بأم عيني، يحملون علي أكتافهم، نعوش احتضنت أصدقائهم، وأحبائهم، رفقاء السلاح والغربة. هل تركوا النعوش وفروا هلعاً من الموت وجزعاً، أم ثبتوا؟. لقد رأيتهم رجال. هل أعلن الجيش المصري الفرار؟. هل ألقوا أسلحتهم وولوا الأدبار؟. هل رأيتم مشاهد الجنائز، وهي تزف الشهداء، إلي الدار الآخرة؟. نعم، أنا رأيت هذه المشاهد، ما هذا الإحتشاد، وهذا الترابط، وهذا الإصطفاف؟. أقول لمن تصور الخيانة وجهة نظر، وأن مصر حفنة تراب نتن، تلك هي مصر التي لا تعرفونها، فلقد تعلمتموها حفنة من التراب النتن. لقد نجحتم مرحلياً، في قتل جنود الوطن، وبقتلهم أدخلتم الحزن القلوب، ورويتم بالدماء الزكية أرض الوطن، ولكن هل كسرتم الجيش؟. هل نلتم من إرادته؟. هل كسرتم مصر؟. هل نلتم من عزيمة شعبها؟. لا والله، لقد فجرتم بخستكم وخيانتكم، براكين الغضب. ماذا تريد أن تقول؟. هل تريد أن تقول بأن: ربك قد أمرك بهذا؟. أتفترون علي الله كذباً؟. أتريد أن تقول بأنك بذلك تدافع عن شرعيتك المزعومة؟. أي شرعية تلك التي تبيح لك أفعال الخيانة؟. يكفيك أن الله لا يحب كل خوان أثيم. قل لي: من ينفق عليك في مأكلك ومشربك وملبسك وتدريبك وتسليحك يا غلام، وإن اشتعل الرأس منك شيباً؟. من أين لك بهذه الأموال يا مرتزق؟. ثمن الخيانة للوطن. وإن كانت الخيانة لا يكافئها ثمن، عند من يعرف معني الوطن. أنت مجرد غبي مخبول ؛ لأنك توهمت أن ما تفعله سيفت في عضد مصر، وسيكسر شعبها، وتأتيك راكعة لإرهابك، لم تتعلمها صغيراً يا احمق، ولم ترضعها لبناً من ثدي أمك: مصر مقبرة الغزاة، فاسألوا التاريخ، وزوايا الأرض، وأطنابها، والسماء، وأبراجها، اسألوا الطير في السماء، والسمك في الماء. اسألوا القبور ومن سكنها، والعصافير وأعشاشها، والحيتان وبحورها. وما حدث مجرد زوبعة في فنجان مصر، لن يهزها، أو يهزم أهلها، وانتظروا براكين الغضب.

 

حــســــــن زايــــــــــد

في المثقف اليوم