أقلام حرة

كن صبورا انه عبد المهدي

MM80كانت تلك السيدة الكبيرة لطيفة جدا في تعاملها مع الزبائن، فهي صاحبة محطة الوقود التي توقفت عندها، لبحث عن مكان أبيت فيه، ولمليء خزان وقود سيارتي، في رحلتي الأولى، لزيارة واكتشاف الغرب الأمريكي، كل شيء مبهر، حتى تلك المحطة الموجودة في العدم، والتي احتوت كل متطلباتي.

من مأكل ومسكن ملحق بمحطة الوقود.

دعتني لتناول فنجان قهوة في، ذلك المطعم الصغير الملحق بالمحطة، وكانت عيناها فاحصة لقسمات وجهي، كما لاحظت.

بادرت في السؤال: هل أنت عربي؟

: نعم، ومن العراق.

السيدة: لقد كرهتكم، بسبب النفط، حدث هذا منذ زمن بعيد (ضاحكة)

: لماذا سيدتي

السيدة: أرجوا ألا تحمل علي، فقد كنت صغيرة في السن، لم أفهم مجريات الأمور حينها، سوف أقص ما حدث لك، كانت الحرب بيننا وبينكم سنة 1973؛

ارتفعت أسعار الوقود بشكل كبير، وتوقفت مصانع كثيرة، بسبب هذا الارتفاع، وتركت السيارات على قارعة الطريق.

أضطر الكثير منا الى بيع ممتلكاته، حتى هجر بعض الرجال عوائلهم وزوجاتهم، بسبب عجزهم عن توفير لقمة العيش.

كانت معنوياتنا منكسرة جدا.

استطعتم، أن تنتصروا بأخطر سلاح لديكم النفط.

وكما ترى أصبحت بعدها خبيرة في الاقتصاد النفطي وحضرت الكثير من المحاضرات في جامعة تكساس، بعد أن أثرت بي تلك الأزمة؛

لقد تعلمنا الدرس جيدا، ونعرف خطورة النفط.

: سيدتي، اختلف الوضع كثيرا، اليوم العراق والمنطقة ملتهبة في الحروب، حتى أصبح من الصعوبة العيش فيها.

السيدة: لا تفكر في ترك بلدك، لديكم الإمكانيات الملائمة، تحتاجون الى الخطط الملائمة، وأن تضعوا الرجل المناسب في المكان المناسب تزيدوا انتاجكم من النفط ومشتقاته، خاصة البنزين؛

نحن نستهلك الكثير من الوقود ونحتاج اليه، تبنوا أنشاء محطات وقود مثل هذه المحطة، ومن وقود النفط تبنوا بلادكم، وتطوروها، وتقدموا الكثير من الخدمات، التي نعاني من كلفة ضرائبها نحن في بلادنا.

أنا متأكدة أن لديكم من رجال الاقتصاد، والمفكرين والقادة كثير، وأنا متأكدة أنهم سيشغلون مناصبهم في الوقت المناسب وسيكون هناك تغيير كبير؛

نصيحة أخيرة مني (كن صبورا).

تبادلنا عناوينا الإلكترونية، وغادرت فجر اليوم التالي.

مرت على تلك الذكرى من عام 2007، وأنا أبتسم، بعد تلقيت رسالة الكترونية من تلك السيدة اللطيفة مرفقة بصورة قد نسيتها التقطتها بنفسها أثناء جلوسنا.

مرفقة بجملة، ميزتها عن بقية رسالتها (ألم أقل لك كن صبورا)

أجبت تلك السيدة بكلمة شكر ردا على رسالتها اللطيفة، وأجبتها: كنت صبورا، أنه عادل عبد المهدي.

في المثقف اليوم