أقلام حرة

قل مصاححة ولا تقل مصالحة؟!!

MM80المصالحة كلمة لا تعني ما فيها بقدر ما تشير إلى عكسه، لأن الأخطاء لا تتصالح، والآثام لا تتفق، والخطايا لا تتفاعل على طاولة واحدة.

والعقل البشري لا يمكنه أن يحقق تفاعلا إيجابيا إذا كان محشوا بالأوهام والتصورات المنحرفة، والإعتقادات المتمادية في غلوها وتطرفها وإنحرافها.

المشكلة العاصفة في المجتمع هي ليست نتصالح أو نتخاصم، وإنما هي في آليات تفكير ذوي الأحزاب والفئات والمدارس والتوجهات، ويتضح فيها أمراض فكرية ونفسية خطيرة تستدعي الوقوف عندها ومعالجتها قبل القفز إلى سراب المصالحة.

فلب المشكلة أن الجميع غير متصالح مع الوطن، ومتخاصم مع نفسه ومعتقده، وكل ما هو إنساني وحضاري معاصر.

فنحن أمام طبقة من المتنفذين المعزولين تماما عن مكانهم وزمانهم، ويعيشون في سرابات أوهامهم وإنحرافات رؤاهم، ويعتمدون على الآخرين في تدبير الشؤون.

فكيف يتصالح مَن لا إرادة عنده ولا قدرة على إتخاذ قرار بدون مباركة عليا؟!

هذه مشاكل مرعبة مبرمجة تسعى إلى إقتسام البلاد وليس لتقسيمها، وبموجبها سيكون التقسيم حلما، لأنه يكون بإرادة أهله، أما الإقتسام فيتحقق بإرادة الآخرين ووفقا لمصالحهم وتطلعاتهم الخفية.

ولكي نكون صادقين، لا بد من تصحيح الرؤى وإيجاد الثوابت المشتركة، التي بموجبها يمكن إنجاز أي تفاعل إيجابي قويم.

فهل هناك فهم مشترك للوطن والمواطنة والمواطن، وهل أن الإرادة حرة ، وهل أن النفوس قد تشذبت وتطهرت من أوذان الرؤى السلبية والسلوك المنغلق؟

ليتصالح الجميع مع أنفسهم أولا، ومع أفكارهم ووطنهم ودينهم، ويوقظوا الإنسان الذي فيهم، قبل أن يترنموا بفرية المصالحة.

فصححوا أنفسكم أولا ومن ثم تحدثوا عن التصالح مع بعضكم!!

العلة في المتنفذين وليست في الشعب، وهم يعكسون ما فيهم على الشعب!!

 

د-صادق السامرائي

في المثقف اليوم