أقلام حرة

الاصولية طاعون العصر ام ماعون القصر

emad aliفكرنا وتوقعنا اننا سوف نرى الخير (ليس اجيالنا الحالية وانما البشرية) بعد معاناة انسانية طويلة الامد، وقلنا لقد سار العالم نحو الانفتاح ومالَ الى الانسانية في الفكر والتوجه الى حد ما واستبشرنا خيرا للمستقبل البعيد لاجيال اتية من المؤمل ان تنعم بالحرية والتعايش السلمي بعيدا عن الاحتراب والبغضاء، فلمسنا انهم يتعايشون في ظل صراع ناعم وينتجون ما يفيد البشرية في نهاية المطاف بعد الانتقال والعبور من المراحل الاجتماعية الانسانية بسلاسة وبشكل طبيعي، دون العودة الى التشدد والاصولية بجميع انواعها .

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي لاسباب عديدة وليس على اساس احقية وصحة النظام الراسمالي المصارع له، قلنا لا ضير في اعادة تنظيم الذات او تصحيح المسار وازاحة سلبيات الانحرافات التي حدثت بسبب التطبيق الخاطيء او التدخلات المصلحية سواء من المنفذين ذاتهم ضمن حركة اليسار العالمي ام المتصارعين او الاعداء المتربصين لكسر الاركان التي تبنت عليها اليسارية بنيانها . فانتظرنا كثيرا واكتشف الجميع بان النظام الراسمالي لم يكن لهم بديل مناسب، فاصبح مما يدعيه اليسار فكرا وفلسفة ومنهجا حقيقيا لابد السير عليه مهما طال الزمن بالمرحلة الفوضوية الحالية، ولم يكن لديهم ما يعوض عن الافتراءات التي ادعوها وساروا عليها لتقويض ما كان يمكن ان يثبت عليه اليسار، رغم الاخطاء التي ارتكبها اثناء مسيرته طوال العقود، فاستندت الراسمالية على النفس البشرية والطموحات الشخصية وعدم اكتمال البنيان الفكري السليم الذي لا يبنى بسهولة وفق ما يفيد الجمع البشري، فاستغل النظام الراسمالي الهفوات والثغرات والاخطاء والشواذ من القادة التي ادعت اليسارية وهم في نخاعهم راسماليون وبرجوازيون الى الصميم واوصلوا الناس للفوضى العاملية الحالية .

استغل القطب الراسمالي الجشع كافة الطرق المتاحة امامه من اجل الطاحة بخصمه وفعل وكان على حساب الانسانية شرقا وغربا، وسيكتب هذا الواقع الاجيال المستقبلية بعدما يكشفوا زيف الراسمالية بشكل كامل والتي لم تسر الا في قنوات ضيقة لمصالح معينة ومن اجل ما يهم مجموعات صغيرة على حساب الاخرين على العكس من الفكر اليساري الحقيقي الذي لا يهمل احدا او طرفا ولا يمكن ان يكون لصالح طرف ما على حساب الاخر وهو من الجميع وللجميع ولصالح الجميع، ويكون عبر تسلسل التطور الاجتماعي العام للوصول الى المرحلة الشيوعية التي لا مفر منها .

اما ما نحن نريد ان نبينه هنا هو داء العصر الذي يعتمده الناظم الراسمالي المسيطر في هذه المرحلة الفوضوية غير الثابتة، وتُعتبر هذه الآفة حصان طروادة للاجهاز على الفكر الانساني ومصالح الانسان بعيدا عن ما يمت بمصلحة الانسان وحياته وما يهمه، انه يستند على الاصولية كسلاح فتاك للنيل من كل ما يفرض على الانسان توجهه الصحيح نحو مستقبله المنتظر البعيد . انها وسيلة سياسية بحتة لم تحوي على فكر او فلسفة كي يغبر احد سبرها لكشف سلبياتها وثغراتها ومن ثم لتلافيها وبيان زيفها للجميع، انها سلاح بيد ما يخدم المصلحة الراسمالية العالمية بانواعها ومنها الاسلامية والليبرالية . فاعتمدت الاصولية من قبل المصلحيين العالميين وانتشرت كآفة خطرة في برهة من الزمن وهي طاعون العصر وتصيب الناس بينما تاكل منها الملوك وتستخدمها كماعون يدر عليهم اكلهم وثروتهم ليُملو به احشاءهم على حساب خراب الانسانية ومستقبلها .

في المثقف اليوم