أقلام حرة

قيمة الإنسان المهدورة!!

MM80قيمة الأمم والشعوب بقيمة إنسانها المواطن. فالدول التي لا تحترم مواطنيها لا تُحترم. والأنظمة السياسية التي تهين مواطنيها تُهان.

فالقيمة العليا للإنسان، بعيدا عن المسميات والمعتقدات والتوصيفات والتصورات.

والمجتمعات التي ترتضي أن يكون الإنسان فيها رقما، تدخل في متوالية طرح ومحو الأرقام.

هذا ما حصل في العراق وسوريا وليبيا، وبدأ يحصل في مصر واليمن والبقية تأتي، من البلدان التي جعلتها الكراسي ذات بصائر زائغة ترى بها مواطنيها على أنهم أرقام.

فالوطن الذي يكون فيه المواطن رقما وحسب، تدوس على رأسه جميع الأوطان.

لماذا حصل الذي حصل في العراق؟

لأن المواطن بلا قيمة ولا عنوان، إنه رقم على يسار كراسي المتسلطين والمتنفذين والحكام، منذ تأسيس دولة العراق في بدايات القرن العشرين، وحتى اليوم الذي صار فيه المواطن من أرخص الأرقام.

وهذا سبب التداعيات الحاصلة في جميع البلدان العربية، لأنها تتجاهل المواطن، ولا تفهم في قيمة الإنسان وواجباتها تجاهه.

فلا حقوق للإنسان في بلاد العرب أوطاني، لأنه غير موجود، وموضوع في خانة الأرقام.

ولهذا صار تهجيره سهل، وتعذيبه وخطفه والتفنن بقتله شائع، وترويعه وحرمانه روتين، وما عليه إلا أن يسجد لأهوال الطغيان، التي تعددت بإسم قناع الديمقراطية النكراء الأركان، والمهانة في بلدان الأرقام المنفية على سبورة الأوهام.

الناس يُقتلون ويحرقون ويتعرضون لأبشع صنوف العذاب، وما من أحدٍ يتكلم بلسان ضمير أو بشفاه غِيرةٍ على العروبة والوطن والدين.

فالعربي يقتل العربي!

والمسلم يقتل المسلم !

وإبن البلد يقتل إبن بلده !

وكل هذا يجري وقادتهم الأشاوس يتبجحون بالإنتصارات ويتفاخرون بالإنجازات، وما نطق واحد منهم بلسان إنسان عاقل في قلبه نفحة من نفحات الرحمان.

وإنما الذي تراه وتسمعه وتخبره، وحوش ضارية تترجم طبائع شياطين النفوس الرجيمة، وتتلذذ بأمّارات السوء التي فيها، وتكنز على مآثمها وخطاياها، وتبدو أمام الأنظار كحملٍ وديع.

فأين الله منكم؟

وأين إرادة الخلق وطاقات الأكوان؟

أين العدالة الإلهية وقسطاط الوجود الكوني المبين؟

أين أنتم مما تفعلون وترتكبون من جرائم بحق أنفسكم ودينكم وتأريخكم، ومواطنيكم الأبرياء الحائرين في أرض تضيق ولا تتسع عليهم بسببكم؟

إن الحكومات والأحزاب والسلطات والدول بكل مرافقها ومؤسساتها، إذا لم تدرك قيمة المواطن وحقوقه وأنه أمانة كبيرة في أعناقها، فلن تقوم قائمة للعرب بعد اليوم، ولن تكون ديارهم إلا سوح عبث تتارية، ونزوات وحوش هولاكية الطباع والنوايا، تبرر ما تقترفه من البشائع بإسم ربّها، الذي تتصوره على هواها، وتلقي عليه بمساوئها وبفظائعها وما تقوم به من السيئات والشرور.

 

د-صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم