أقلام حرة

حي النصر ومشروع السكك الحديد .. معاناة أزلية!

haidar husansoariتقع منطقة (حي النصر) أطراف العاصمة بغداد من جهة الشرق، فقد كانت عبارة عن مزارع كبيرة متصلة بمزارع نهر ديالى، الذي يقع خلفها في وقتنا الحالي، تأسست هذه المنطقة كحي سكني سنة 1978م، حيثُ أُنشأت وفق خريطة أعدتها أمانة بغداد.

كان سكان الحي من قوميات وديانات مختلفة، ومن حملة الشهادات والعوائل المثقفة، ساحات كثيرة وكبيرة تركتها أمانة العاصمة، لتقام فيها وعليها متنزهات ومدارس ومراكز خدمية أخرى، حيث شرعت الأمانة بتنفيذ البنى التحتية للحي، لكن في لحظة من الزمن توقف كل شئ! مشروع السكك الحديد، وما أدراك ما مشروع السكك الحديد!؟

في العام 1985م قرر مجلس قيادة الثورة المنحل، إنشاء مشروع طريق سريع وسكك حديد يربط شمال العراق بجنوبه، دون المرور بالعاصمة بغداد، حيث كانت تقف وراء هذا المشروع أسباب سياسية كثيرة، منها تجريف بساتين منطقة الدجيل، ومنها أن لا تمر قطعات الجيش بالعاصمة، فتحدث إنقلابا عسكرياً على النظام المقبور، على غرار إنقلاب تموز 1958م.

كان من سوء الحظ أن تقع منطقة حي النصر على خريطة هذا المشروع، فتوقفت أعمال أمانة بغداد، وتم جرد المنازل التي يمر عليها المشروع، وتعويض شاغليها بمبلغ تقدره لجنة شُكلت من قِبل المجلس المذكور بقيادة المجرم(طه ياسين رمضان"الجزراوي")، فلم يعترض أحد، ولم يفكر بالأعتراض أصلاً!

تم تأجيل تنفيذ المشروع، والإبقاء على شاغلي الدور، مقابل دفع مبلغ كبدل إيجار عن كل سنة، فقد تم إبرام عقود، بين المواطنين ومديرية الطرق والجسور/ دائرة السكك الحديد، ثم قامت هذه الدائرة المذكورة بمضاعفة مبلغ الإيجار في كل عام عدة أضعاف، وذلك عن طريق إعلان الدور بالمزاد العلني، ليصل بدل الإيجار إلى مئات الآلاف من الدنانير! في عقد التسعينات(أبان الحصار على الفقراء)!، حيث كانت تقام تلك المزادات والإبتزازات في الفرق والمنظمات الحزبية، فيقوم البعثيون بدخول المزاد لزيادة الإيجار على المواطنين، ويقتسم البعثي والموظف تلك الزيادة، كحوافز من كد وتعب المواطن الفقير!

لم يكتفِ البعثيون بذلك بل قاموا ببيع الاراضي من الساحات التي تركتها الأمانة إلى أُناس نزحوا إلى المدينة من الريف، وأخذوا قسماً منها ليتخذوها مساكن لهم، وعندما كانت تقوم الأمانة بإزالة تلك الدور العشوائية، فإنها لا تطال دور البعثيين، فهم أصحاب الأرض ومُلاكها الأصليون!

ولى نظام المقبور، وعادت الناس المهجرة ليستقبلها البعثيون، ويتقاسموا هذه الأراضي فيما بينهم، حتى لم يُعد في حي النصر موطأ قدم للساحات! فتضاعفت دور الحي وسكانه، وكذلك قاموا بتقطيع بيوت الدولة، وتقسيمها إلى مشتملات صغيرة! فأصبح الزحام في البيوت والشوارع بشكلٍ لا يُطاق!

تواردت أنباء عن إلغاء هذا المشروع، لكننا لا ندري مدى صحة هذه الأنباء، فإن كانت هذه الأنباء صحيحة، فنتمنى إعادة خريطة الحي إلى ما كانت عليه، وتمليك الدور لساكنيها، والقضاء على العشوائيات، وإن كانت تلك الأنباء غير صحيحة، فنتمنى من وزارة النقل البت في هذا المشروع، وعدم تركهِ معلقاً، فإن خطورتهِ باتت جسيمة.

بقي شئ...

هل يعلم وزير النقل المحترم، أن أحد أولاد شاغلي دور السكك المذكورة، أصبح الآن عضو مجلس محافظة بغداد!؟

 

في المثقف اليوم