أقلام حرة

أي سر في قبرك الشريف سيدي ياحسين

ويحمل اخو الحسين الأمام ألحسن على عاتقه الايسر ويدور بهم بالمدينة ويقول للناس (هؤلاء امامان أن قاما اوقعدا) .. وقال بحقهم هؤلاء ريحانتي في الدنيا ..وكان اذا جلس في مسجده كان يداعبهما وهم جالسين في حجره ويقول (ص)هؤلاء ابنائي من دمي ولحمي ,,لا حظ ان هذه الأحاديث مروية وباتفاق جميع رواة الحديث من المذاهب.باهل ألرسول الأعظم بالحسن والحسين وهما صبيان كما دل عليه قول ألله تعالى في اية المباهلة(قال تعالوا ندع ابناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم الى اخر الأية الشريفة)

عندما خرج الحسين من المدينة قال له العبادلة أصحابه (عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر) ما معناه.. ان لا تأمن لهؤلاء فهم قد خذلو اباك من قبل واخاك ... وقال له احدهم .. اني سمعت رسول الله (ص) يقول ان الله خيرني بين ان أكون ملكا نبيا او عبدا رسولا فاخترت ان اكون عبدا رسولا ... فلن يكون لذريته الملك لان خيار النبي (ص) يسري على ذريته وأصلابه.. فهل كان الحسين لا يعلم بذلك ؟؟ بلى انه يعلم ان هؤلاء ملئوا قلب ابيه قيحا وخذلوا اخاه .. ويعلم ان جده محمدا (ص) اختار العبودية لله على الملك وهذا دليل آخر على عدم خروج الحسين طلبا للملك والسلطة... فقال لهم ما معناه .. ان سبعين الف رسالة دعوة وعهد وبيعة وصلتني فما افعل بها؟؟ وحقا لو ان هؤلاء السبعون الفا تمسكوا بعهدهم وصدقوا في بيعتهم لكان انصاره ومؤيديه جيشا جرارا يزيد عن السبعون الفا لا قبل لجيش الشام ولا غيره ان يقف بوجهه... ولكن شاء الله الا ان يفضح هؤلاء ويعريهم ليكون ذنبهم أكبر حتى من ذنب جيش الشام الذين كانوا مجرد جند يأتمرون بأمر قادتهم... أما هؤلاء فكان لهم الخيار... فاختاروا ولبئس ما اختاروا... فلن ينفعهم الندم على ما اجرموا بحق الحسين حتى لو بكوه دما بدل الدموع ...

هل لامستْ أناملك ضريح الامام الشهيد، وهل ألمّ بك في ما مضى من عمرك شعور قاطع بالفوز، بالنجاح، بالسعادة، بالاستقرار والسلام الأبديين، هل عشت لحظات الخلود سابقا، نعم لقد عشتها أنا، أنا واحد من ملايين الزوار الذين تدفقوا هذه الايام على الضريح المبارك، وقد عشت تلك الرهبة العظيمة المؤطرة بخشوع عظيم وسعادة لا تشبه قط سعادات الحياة الراهنة، وأنت تطوف حول الضريح المقدس تدهمك علامات وأجواء لا علاقة لها بعلامات الارض وشخوصها، أجواء توحي بالقداسة العظمى وسترى بصيرتك النقية صور ملائكة تحف بالضريح المطهّر ثم ترفرف فوق رؤوس الزائرين وتنثر عليهم بشائر السكينة والسلام، وستسمع أصواتا لا علاقة لها بأصوات الارض، أصوات ما تنفك تنشد للخالق الواحد الأحد وتسبح بحمده وتصلي على النبي الأمين وآله وصحبه الطاهرين فتنقلك الى الفردوس الأعلى، ليحار القلب وهو يخفق بهدوء بين حنايا الضلوع الرقيقة وتحار العيون وهي تبصر ما تبصر فيعلوها ماء زلال دافئ يترقرق في المآقي ويهبط دافئا سخيا على الوجنات الوضاءة والوجوه المعبأة بالحبور، ولن تعرف في أي عالم تعيش لحظتها، انك خارج اسوار الارض، عاليا، قريبا من شعاب السماء، هناك في الأعالي حيث الصفاء على أتمه والنقاء المذهل يلون روحك وجسدك على السواء، وستعرف أن كل روح قائمة بذاتها، ملايين الارواح منفردة عن بعضها وإن تكدست الاجساد فوق بعضها، كل تمثل نفسها، وكل لها لهفتها وتوقها نحو الخلاص، إنها تكدح كدحا الى ربها، وكل ستحصل على ضالتها وتمضي راضية مرضية، وهكذا تستمر فورة الانسان وهو يطوف حول الضريح الشريف كأنه سيل لن يتوقف ما دام الزمن يسابق نفسه، إنها رحلة قد لا يفهمها من لا يعيشها وقد تصعب وقائعها على مخيلة من لم يجربها بنفسه، فالبعيد بجسده ربما يكون بعيدا بروحه ايضا، ولكن سوف أجزم لمن لم يُكتب له الطواف بضريح الحسين (ع) لسبب ما، بأنه سيعيش لحظات الخلود بعينها لو رُزق بهذا الطواف وسيعرف ذلك بنفسه من دون ان يستعين بآخر، وسيخرج من هذا الضريح المقدس وهو على يقين من أنه وصل الى ضالته أيا كانت .

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1265 الاربعاء 23/12/2009)

 

 

في المثقف اليوم