تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

نظرية الاعتدال في زمن الحرب

MM80الاعتدال والوسطية ليست منة، يتفضل بها أصحاب العقول الراجحة، التي توازن العاطفة مع العقل، على أصحاب العقول الراجعة، ومن تتلاعب بهم أهواءهم ونزواتهم، بل هو ما يتوجب عليهم فعله، ضمن المنظومة الأخلاقية والاجتماعية التي تميزهم وتربطهم بباقي البشر.

الرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام، كان يترفع عما يصدر من رعاع قومه، وقد لا يحاسبهم طمعا في إرشادهم إلى طريق الحق، فينسى نفسه دائما، وكما فعل مع ذلك اليهودي الذي كان يرمي نفاياته وأوساخه بوجه النبي يوميا، لكن حكمته ووسطيته، تغلبت على تعصب ذلك المتطرف، وجعلته يؤمن بدين الحق.

كما أن الإمام علي كرم عليه السلام، لم يكن ممن تتحكم بهم عواطفهم أو مشاعرهم، فهو دائم الانتصار على وحش الغضب الكاسر، فعندما قابل عمر بن ود العامري في معركة الأحزاب، وطرحه أرضا، بصق عمرو بوجهه، فلم يقتله الإمام انتقاما لنفسه، وتركه حتى ذهب غضبه.    

ثوابت الوسطية والاعتدال، لم يتركها كل المسلمين، بل بقيت عند من يعتقدون بالإسلام المحمدي الأصيل، الذين يتوجب علينا السير بهداهم، والذين لا يمكن للأرض أن تستغني عن وسطيتهم واعتدالهم إلى يوم الدين.

اليوم بلدنا وشعبنا يواجه أعتى هجمة تطرف بإسم الإسلام، تحركها دول عالمية واجهتُها داعش، التي قامت بتهجير الملايين من العراقيين، وقتل الآلاف منهم، فهل علينا أن نكون مثل داعش؟ ونحمل صفة التطرف، التي لم نرضاها لعدونا.

حرب تكريت القائمة حاليا، ككل حروب المدن، لابد أن يكون هناك مدنيين بين النيران، لكن كل التقارير تشير، إلى أن الضحايا المدنيين لم تذكر لهم أرقام هذه المرة، وهذا يدل على الانضباط العالي، للقادة وجنودهم، وانقيادهم لتوجيهات المرجعية، وتوصياتها الصارمة.

أما ما صدر من بيان استنكاري، حول قتل للمدنيين في هذه الحرب، من قبل مشيخة الأزهر فهذا سعره 3 مليار دولار، كما يقول السياسي المصري محمد البرادعي، ولا ندعي بان المقاتلين معصومون، يتصفون باعتدال محمد ووسطية علي، بل لديهم أخطاءهم، وقد يتغلب غضب بعضهم، على رجاحة عقولهم.

لكن مهما يكن من الأمر، فإن الاعتدال والوسطية ليست خيارا، إنما هي منهج يجب السير عليه، مع قادة الأمة وسادتها، وهو إحدى ضرائب طريق الحق، وسلوكــه دائم، لا يخضع للظروف، إن كانت سلم أو حرب.

 

في المثقف اليوم