أقلام حرة

تصريح أسامة النجيفي .. صحوة ضمير أم فشل سياسي؟

goma abdulahفي تصريح يحمل دلالات ومعاني سياسية موجهة الى كل الاطرف المعنية بالشأن السياسي والقضية العراقية. وهي تؤكد بالبرهان القاطع على فشل الرهان على معزوفة على وتر الانقسام الطائفي والصراع العنيف، والتأزم السياسي الذي يهدد بالاخطار الجسيمة، هذه المحصلات الخطيرة حسب صانعيها، كافية بعودة الامور الى الوراء الى الحقبة البعثية، من خلال تخريب العملية السياسية، بعدم الاعتراف بالواقع العراقي الجديد، بعد سقوط النظام البعثي . واللعب بشكل الكامل على وتر الاحتقان الطائفي الخطير،ونغمة استحالة امكانية التعايش والاخاء بين مكونات الشعب وطوائفه، ومن خلال انتهاج هذا الطريق الاعوج والمنحرف والخطير، الذي لم يقطف منه الثمار المطلوبة من خلال عقد كامل من السنين، سوى الاهوال والمحن السوداء، التي اصابت في منحرها الجميع دون استثناء، وسفكت انهار من الدماء من كل الطوائف، وحلَ الخراب والدمار بالجميع . واتضح من خلال التجربة المريرة الطويلة، بان الخطاب الطائفي وفتنه ونعراته ونيرانه، سوى الايغال في البحر من الدماء، والكل خاسر، سوى اعداء العراق والاطماع الاقليمية والدولية، هي التي خرجت بسلة الذهب، من خلال عراق ضعيف ومشلول وكسيح، تتلاعب به الاطماع العدوانية، بان اصبح ساحة صراع لمصالح ونفوذ الدول الاقليمية والدولية . لذلك ياتي اهمية تصريح (أسامة النجيفي) امام حشد كبير من القادة السياسيين الذين يمثلون الطائفة السنية . حيث اشار في وضوح بان (سنة العراق وقعوا ضحية لمؤامرات خليجية امريكية، حاولت تغير الموازين في العملية السياسية العراقية بعد عام 2003، لكنها فشلت فشلاً ذريعاً) بمعنى بانه كان هناك مخطط مدروس ومدبر لتقويض العملية السياسية، بقيادة جهات اقليمية ودولية، بدفع الطائفة السنية بان تكون وقود وحطب ورماد لهذا المخطط الجهنمي، وبزعزعة امن واستقرار العراق بالفتن والنعرات الطائفية، حتى يربحوا ثمن المعادلة، في استحالة امكانية التعايش، حتى يكملموا بقية اجزاء مخطط المؤامرة بعودة الوضع الى الوراء، بحمامات دماء ونزاعات مسلحة وانقسام وانفصال لاعودة ولا رجعة عنه، وبادخال داعش والبعث على خط المواجهة الساخنة، هذا الاعتراف يؤكد بوضوح فشل حظوظ المؤامرة على العراق، وما يتكبده تنظيم داعش اليوم، في ساحات المعارك الطاحنة، وما اصابه من خسائر فادحة، جعلته يترنح ويصارع انفاسه الاخيرة بالخسارة والخذلان، فقد انقلب السحر على الساحر، بافعال داعش والبعث الوحشية في المناطق السنية، التي اصابها الدمار الكبير والهائل، اضافة الى الاعدامات الجماعية، وسبي النساء، وعمليات البطش والتنكيل، وتجرع علقمها اغلب العشائر السنية، في سبيل اقامة الخلافة الشيطانية، التي تؤمن بالدم وسبي النساء والبغاء الاباحي العلني، بحجة جهاد النكاح، وهذا الاعتراف يدل بان العقل السياسي عاد الى رشده وتبصره للامور بنظرة موضوعية، بالاعتراف بتعايش الطوائف عامة، والشيعة خاصة (بالاعتراف بحقوق الاخوة الشيعة بواقع الحال بالاندماج والتعايش) وهذا يساهم في نقلة نوعية في الشأن السياسي، بتشديد صلابة المقاومة والمواجهة، لطرد عصابات داعش من صلاح الدين والموصل، وخاصة بعد التطورات المتسارعة الاخيرة على جبهة تكريت، حيث عصابات داعش ينازعون انفاسهم الاخيرة، بعد تشديد طوق الخناق والحصار عليهم، ولم يكن لهم طريق اخر، سوى الاستسلام ورفع الراية البيضاء . ان تصريحات أسامة النجيفي، يجب ان يصاحبها مراجعة نقدية ذاتية شاملة بروح الحرص والتفاهم الذي يصب في مصلحة الوطن، على مواصلة الطريق، في اصلاح العملية السياسية وتطورها، بنزع الاخطاء والسلبيات والشوائب عنها، والعودة الى احضان الوطن بحق وحقيقة دون مراوغة وغطرسة ومكابرة فارغة، لا تخدم مصالح الوطن . يجب ان يكون الاعتراف صحوة ضمير بصدق ونزاهة، بعد التجربة المريرة والقاسية التي امتدت عقد كامل من السنين، يجب ان تكون استخلاص الدرس الثمين للجميع، بالتخلص من الطائفية وسرطانها الخبيث

جمعة عبدالله

في المثقف اليوم