أقلام حرة

أستحوا من بقرتكم

diaa alhasheemفي الهند يعبد ملايين الناس البقر ويجلونه بمنزلة الرب ووجهة نظرهم أن البقرة وماتمثله من مصدر عطاء وخير للبشرية فهي تستحق أزاء ماتقدمه جل التقدير والاهتمام والرعاية والاحترام ووجب عليهم رعايتها وعدم السماح بالتعدي على ذلك الحق في العناية بها قيد انملة . وفي العراق تمثل مدينة البصرة بما تقدمه من خير وفير لجميع العراقيين مصدر رزق لهم يدر عليهم أموالا ينعمون بها من غير كد أو بذر أرض، ولكن الفرق بين العراقيين والهنود هو أن في العراق بشر لا تقدر ثمن العطاء ولا تشعر بالامتنان امام عطاء البصرة لها وماتدره عليهم من اموال وها هي البصرة المعطاء ترزخ تحت وطأة المشاكل المستعصية والتي سببها الاهمال المتعمد من قبل روؤساء الاحزاب ووزراءهم بل وحتى من نواب البصرة في البرلمان ممن اختار ان يكون تابعا ذليلا لهؤلاء فلم يعمل أحدهم بشرف ليغيث البصرة واهلها مما تعاني منه من اهمال وتقصير وقلة مشاريع وخدمات .

فالبصرة أم الخير تحلب كالبقرة فتعطي النفط والغاز وتنتج ارضها المعطاء اجود انواع التمور والثمار التي لا يعرف اسمها ابناء مدن العراق الاخرى وتزخر موانئ البصرة بانواع السفن التي تحمل تجارة الشرق والغرب الى العراق وتخرج من مياهها مختلف انواع الاسماك والروبيان، ولكنها تحرم من ابسط حقوق الرعاية والاهتمام بها كمدينة ذات كثافة سكانية عالية وتصل درجة التنكر لاهلها حدا يفوق التصور حينما يصفها بعض الطارئين من المتطفلين على السياسة بأن أهل البصرة ليسوا اكفاء في تحمل مسؤلية ادارتها او انهم تنقصهم الجدارة والمؤهلات والخبرة في تسنم المناصب العليا في الدولة العراقية او وزاراتها وتسند الى غيرهم من ابناء قرى ومدن العراق الاخرى .

ومن ابسط ما حرمت منه البصرة واهلها هو تعمد وزراء الدولة العراقية حديثا وقديما في عدم انشاء محطات لتحلية مياهها المالحة والابقاء على حرمانها من الماء الصافي والصالح للشرب طيلة عقود من الزمن، حيث ماء البصرة لا يصلح لاستخدامات البناء ولا حتى للتنظيف . أضف الى ذلك تعمد الحكومات المتعاقبة بعد سقوط نظام صدام على عدم فتح خطوط جوية عالمية وربطها مع مطار البصرة الدولي الذي تأسس منذ الخمسينات واقتصار الرحلات الخارجية على دول الجوار فقط . جميعنا يتفهم الظروف الامنية التي يمر بها العراق والاجراءات التي تتخذها الحكومة العراقية في الحد من تزايد عدد التفجيرات التي تستهدف الابرياء والمنشآت الحيوية مثل المطارات ولكننا نتسآءل وبحرقة لماذا هذا التعمد في الاستهانة بكرامة الانسان العراقي سواءا في البصرة او في بغداد او في باقي مدن العراق وتركهم بالعراء يتشضون حرارة الشمس والغبار صيفا ووحل المستنقعات الطينية التي يتعثر بها المسافرون من جراء المطر في الربيع والشتاء والخريف . هل عجزتم ايها الحقراء حتى عن تشجير تلك الاماكن الخدمية بعدد من الاشجار لكي تصد الغبار عن عيون المارين في هذه المساحات العارية من كل شيء، فأذا كان يصعب عليكم عمل مسقفات كبيرة تحمي الناس مما ينزل من السماء فهل صعب أن تعبدوا تلك المساحات بشيء من القار والزفت زفت أجالكم؟

 

في المثقف اليوم