أقلام حرة

حديث نازح عن حشد الشعبي

watheq aljabiriأفعال كثيرة لم يفهمها أهالي المناطق التي إغتصبها داعش، وهم يرون الجار يقتل جاره، وينهب ممتلكاته أمام عينه، وتحول بعض الشباب الى وحوش تجوب الشوارع بملابس سوداء، ويختارون ما يعجبهم من النساء أمام أهلهنّ، ويقطعون رأس كل من يتعرض أو يتحدث بغضب معهم.

هيأت الخلافات السياسية؛ أرضية مناسبة لتنامي الفكر الطائفي، وفتحت لداعش أحضان لم تتوقع إنها بتلك البشاعة الإجرامية.

كل شيء تحت تصرف دولة الخرافة والجريمة، ومصادرة العقار يتم بخط على حائط، وإستباحة النساء بإشارة من ذباح منحط، وما الناس سوى غنائم في شرعية عصابة تجاوزت وحشية الغابة.

مرّت الأحداث متسارعة، وتوقف الغول على أسوار بغداد؛ بعد أن جاءت فتوى الجهاد الكفائي، لتقلب موازين معادلة حيك لها بعناية؛ لمحو شعب كامل، بذبح آلاف وتشريد ملايين وإنتهاك أعراض.

أنطلقت جموع المتطوعين، وتزاحمت صفوف، مستعدة للتضحية بأنفسها وأموالها، وتصمد مع آمرلي والضلوعية، ثم حررت جرف النصر وديالى، لأجل محاصرة داعش في صلاح الدين.

تحدث أحد النازحين، وهو يروي مشاهد بغصة وألم، وتمنى أن يستلم السلاح؛ ليقاتل مع نساءه ضد داعش، وقال أنتم تسمعون ولكن لا تعرفون أن الواقع أبشع من التصورات؟! وملخصه أن الشرف هتك، ولا يحق لنا رفع رؤوسنا؛ إذا لم نرد شرف مسلوب، وكل ما يتحدث به ساسة منابر؛ هو تجارة بدماء وشرف العراقيين، وأنهم يعاقرون الخمور في دول أفقدتهم شرفهم، ولم نتوقع أن الأبواب تفتح لنا، ويتم إغاثتنا في وسط وجنوب العراق؛ بعد أن حاصرنا الإرهاب، وتخلى عنا السياسيون.

كلام هذا الرجل واقعياً؛ ولم يتأخر عن الإنخراط في الحشد الشغبي القادم لتطهير تكريت، وشاهد أفواج من العشائر، التي كسر حاجز الخوف والخطابات الطائفية، وبات يأكل من خبز البصرة ودهين النجف وسمك العمارة، و(مسموطة) من الناصرية وقيمر الحلة، ويدعو بدعاء الثغور؛ لنصرة المجاهدين لتطهير العراق من داعش.

أن النصر الذي تحقق في تكريت؛ كان نقطة تحول في مسار خطط له بالدماء والغدر، وإرغام أو تغرير بعض من أبناء تلك المناطق؛ لذبح أبناء عمومتهم، وكشف لثام عصابة تحتمي بالمدنيين، وتتسلق بخطاب وسوء إدارة بعض السياسين، وأنهم لا يجيدون سوى الخديعة وإقتياد المغدورين، وتفخيخ المنازل والشوارع، والتخفي بملابس النساء؟ّ! وقد تمادت داعش بزرع النزعات وتوريث الثارات، والإعتداء على الشرف أمام المارة؛ وبذلك مزقت مناطق يهددها مستقبل صراعات داخلية.

شرف أن يرتدي الجيش، والشرطة الإتحادية والمحلية والحشد الشعبي، والعشائر والمحافظ والوزراء والبرلمانين؛ ملابس موحدة تكسر الأنا والفرقة.

أصبح العراقيون يتفاخرون بإرتداء ملابس ترد الشرف المغتصب، وحتى الأطفال شاركوا آباءهم بشرائها، في وقت تعالت أصوات البصيرة السوداء، ولم ترى قوافل المساعدات الغذائية والدوائية، التي قدمها الحشد الشعبي، وهي تقتطع من أفواه الضحايا، ولا تحتاج الى ثلاجة لحفظ الأكل الطازج في المواقع الأمامية، ونصب عينها هدف مقدس وتوصيات مرجعية؛ فكيف شَخَصَ المتربصين ومن أغاضهم النصر، أن الحشد جاء للتخريب، ولم يشخصوا أهداف داعش.

 

واثق الجابري

في المثقف اليوم