أقلام حرة

بين صالة العمليات واليوم الآخر

watheq aljabiriثمة تشابه كبير، بين صالة العمليات واليوم الآخر، وتقارب في البدايات والنتائج، ومشاهد الخوف ومحصلة الأعمال.

تحمل أوراقك في كلا الحالتين، تثبت في صحائفها أعمالك، وماسيتم فعله معك والى أين سوف تنتهي.

يتحتم الذهاب الى صالة العمليات أو الى القبر، أن تثبت أنك الشخص المعني، وقد وصلت الى مرحلة لاسبيل غيرها، وليس بإستطاعة أحد أن يقدم أو يأخر لحظة من قدرك، ولا تستطيع عواطف ذويك وأمكانياتك المادية أو علاقاتك الإجتماعية، أن تنفعك في شيء بعد هذه اللحظة.

يكتب عليك أنك متوقف العلامات الحيوية، أو إصابة بمرض لا يعالج إلاّ بمشط الجراحة، وتذهب وأنت مجرد من الملابس الفاخرة والأموال، وتنقطع عنك وسائل الإتصال بالعالم، وأمامك كثيرون ممن ساقتهم الأقدار في هذا اليوم، يتشابهون في الملابس ويختلفون في الحساب.

تدخل الى عالم غريب، وأنت تشاهد تحركات مريبة، وملابس موحدة، عملهم للتعامل مع أجساد، لا تملك رد من يمسك سكين ويقطع فيها، الى أن تأتي لحظة يُنادى بإسمك؛ ومهما حاولت لا يمكنك التراجع، أمام وجوه مكممة، أنت خائف منهم، وهم خائفون أن تصيبهم بالعدوى.

ينتهي التعامل معك، وتبدأ أوراقك هي من تسرد حكايتك، بعيد عن أهلك وأصدقائك، وهم لا يملكون سوى الدعاء والبكاء، بعد أن تركوك كمن يترك عزيز على باب المقبرة، وسوف تتحمل العذاب لوحدك، في لحظة ما عاد لفعلهم نفع، ولا لأموالهم أثر، وعلى الأوراق يكتب ما ينتظرك من ألم وعذاب.

تنتهي المراسيم، وعلى الجميع أن يصدق بالواقع، ولا ينفع ندم بإعادة الزمن الى الوراء.

يتجمع الناس في المأتم، وفي أول خروجه من العمليات، يتحدثون بحزن وألم، وساعة بعد آخرى، يتفرقون الى أعمالهم، وما انت سوى شيء من الذكريات، التي سطرتها أعمالك، التي قد تكون سبب في أستعجالك قبل أقرانك، لذلك فأن ذهابك الى صالة العمليات أو اليوم الآخر، يحتم عليك حسن إختيار؛ من يستطيع أن يفعل لك شيء في حالة عجزك عن الفعل، وأنك سبب في نتائج ما يفعل بك.

 

واثق الجابري

في المثقف اليوم