أقلام حرة

الألفة البشرية!!

MM80الألفة من التآلف، والمخلوقات بأسرها تحقق هذا السلوك بعواطفها لا بعقولها، فالعقول تتخالف والقلوب تتآلف، وذلك قانون خلقي يسري على جميع الخلق.

وهذا يعني أن إختلاف الرؤى والتصورات من بديهيات الوجود الحي، وهذا الإختلاف لا يمنع تآلف القلوب وتفاعل الموجودات لتحقيق رسالة التواصل والبقاء.

فالألفة ذات غايات خفية لا واعية تؤهلها لبلوغ رسالة الديمومة والتطور والرقاء، والنماء والإنتشار الصالح في أروقة الحياة وبقاعها الشاسعة.

ومن الواضح أن الزوج والزوجة لا يتفقان في الكثير من الرؤى والتصورات والمعتقدات، لكمهما يتآلفان ويؤسسان لعائلة ويربيان أطفالا، ومعظم الزيجات في المجتمعات كافة، إنما هي تآلفات قلبية عاطفية وليست عقلية، وترى في العالم المتقدم تحقق الزواج ما بين أجناس بشرية متنوعة ومختلفة بكل شيئ، لكنها تتآلف وتتوافق وتصنع الحياة الأروع، ذلك أن إرادة الحياة تفرض قوانينها وتحقق تطلعاتها وطموحاتها الكامنة في موجوداتها بأنواعها.

وعليه فأن الإختلافات الفكرية والعقائدية لا تنفي الألفة، وإنما تعززها وتمنحها طاقات تجدد كبرى، تساهم في تعزيز قدرات التفاعل والتواصل والإبداع الأصيل، الذي يحقق التراكم المعرفي الإبتكاري الذي تجود به الأجيال، فأكبر المخترعات قد أوجدها الذين أنجبهم التآلف الإختلافي، أي الذين ولدوا من أبوين مختلفين بكل شيئ.

والمجتمعات القوية أدرك قادتها وحكماؤها ضرورات الإختلاف، وآليات التآلف الحضاري الإنساني اللازم لصناعة سبيكة الوجود الأمتن، للوصول إلى أقصى قدرات الإبداع والتفاعل الأصيل المتجدد، مما يعزز إمكانيات بلوغها درجات تطورية ومستويات إرتقاء ونماء غير مسبوقة أو متحققة في غيرها.

بينما المجتمعات الضعيفة تعارض بديهيات الحياة، وتتحدى مناهجها التآلفية، وتسعى في دروب التصورات الهذيانية والوهمية، التي تتسبب لها بخسائر حضارية فتاكة، لأنها تتقوقع في منغلقات متصورة، وأنفاق ظلماء تنحشر فيها وتتدافع وتدوس على بعضها، وعليها هيمن الرعب واشتدت ويلات ذات قدرات إنفعالية سلبية تساند طاقات الشرور والخراب والدمار، الذي يكون من أسمى أهدافها وأقصاها.

فالألفة بأنواعها، الوطنية والإنسانية يمكن تحقيقها عندما تعي قيادات المجتمعات ذلك، وتنأى بخطاباتها ودعواتها عن مقاتلتها ونفيها، فالبشر بطبيعته يميل للألفة، لكن دعوات النفور هي التي تزرع العناصر المناهضة للأخوة الإنسانية.

فهل سنختلف ونتآلف؟!!

 

د-صادق السامرائي

في المثقف اليوم