أقلام حرة

وزراء الكتل لا وزراء الشعب

diaa alhasheemفي جميع دول العالم تشكل كابينة اي وزارة من اشخاص ذوي خبرة في مجال تخصصهم الاكاديمي ولهم تجربة في الحياة المهنية تمتد لسنوات طويلة ، بأستثناء العراق ، البلد الذي تباع فيه مناصب سياسية وادارية بمزاد الاحزاب المتخلفة والفارغة من اي شعور بالانتماء لهذا الوطن . فترى الوزير الشاب الذي لم يكن موظفا حكوميا يوم من الايام ، وترى الوزير الذي قضى معظم سنين عمره في المهجر او السجن . ويختار الوزير في اي بلد نامي او متقدم من خلال رئيس منتخب من قبل الشعب الا في العراق حيث رئيس الحزب او الكتلة الذي لربما لم يرشح للانتخابات هو من يختار الوزير الذي قد يكون هو الآخر لم ينتخب من قبل الشعب .

وتعتمد سياسة ترشيح الوزراء لشغل الحقائب الوزارية في العراق بعد سقوط نظام صدام على أساس نظام المحاصصة الذي يمنح لكل حزب حقا في الحقائب الوزارية وفقا لعدد المقاعد التي يحصل عليها في البرلمان ، فاذا كانت مقاعد الحزب هي الاكبر عددا في البرلمان فان ذلك الحزب يحرم من ترشيح اي وزير لانه سينال منصب رئيس الوزراء وهذا النظام غير معمول به في جميع دول العالم ايضا . ولذلك تأتي الكابينة الوزارية غير منسجمة ولا تستطيع تمرير اكبر عدد من القوانين التي تشرع في سبيل خدمة الشعب . وتبقى اجتهادات الوزراء التي تعوم وفق اهواء وميول الوزير الشخصية والحزبية هي الفيصل في صياغة قرارت تعرقل لا تسهل على المواطن البسيط الوصول الى نيل حقوقه الشخصية والمدنية في بلده او خارجه . لذلك فمن الطبيعي ان نرى وزيرا شابا للتعمير والاسكان يقوم ببناء مجسرات على الطرق الخارجية في مناطق غير آهلة بالسكان ولم يفكر ببناء مجمعات سكنية والشعب العراقي في امس الحاجة لسكن مريح تتوفر فيه الخدمات الضرورية من كهرباء وماء صالح للشرب . ونرى وزيرا شابا أخر للبلديات يعرقل معاملة امتلاك اي مواطن عراقي لقطعة ارض سكنية في مسقط رأسه بأصدار قرارات تشكل عبأ وثقلا مع ما موجود من روتين أداري ، فيصدر تعليماته بأضافة مزيدا من الروتين مثل توقيع تعهد خطي امام لجنة قانونية هو وزوجته وتصديق ذلك التعهد من بلدية المواطن ومديرية بلديات محافظته بعدم تملكه قطعة ارض سابقا ، هذا رغم وجود كتاب عدم استفادة بتملك المواطن قطعة ارض صادر من البلدية التي ينتمي اليها كوثيقة لابد من استحصالها مقدما في اي طلب يقدم من اي مواطن يستحق منح قطعة ارض سكنية . أو ذاك الوزير الذي يضع العراقيل امام حركة العراقي المكتسب لجنسية بلد ثان بضرورة حصوله على تأشيرة دخول من سفارة بلده قبيل دخوله التراب العراقي ..!

لا يستطيع اي قاريء للتأريخ العربي والاسلامي اليوم أن يصنف وزراء العراق في العهد الديمقراطي بعد سقوط النظام الديكتاتوري عام 2003 كوزراء دولة شأنهم شأن اي موظف خدمة جل وظيفته خدمة ابناء شعبه ووطنه ، حيث يصعب على المرء تخيل أن يكون الوزير شخصا يميل مع ميلان رياح حزبه ضاربا بقانون البلاد عرض الحائط ذلك انه لا يتكيء على قاعدة شعبية ينتمي اليها تحفزه انتماءاته الوطنية ومجموعة القيم الاخلاقية التي يستمدها من ايمانه بذلك الانتماء ، بل يتعكز على انتماءه الفئوي والحزبي الضيق فتجده وشعوره بالمنيـة متفضلا على بقية ابناء وطنه من غير حزبه أو فئته في أي عمل يقوم به وهدفه بالاخير تحقيق مصالح ذلك الحزب الذي ينتمي اليه لا مصلحة الامة او الشعب ولا حتى الوطن .

 

ضياء الهاشم

12ـ04ـ2015

في المثقف اليوم