أقلام حرة

تناسخ الأحداث بين القاهرة وبغداد

asad abdulahالأعلام يعبر عن ما يحدث على الأرض، فهو مرآة عاكسة لأحوال البلدان، فان أردت إن تعرف ما هي أحوال موريتانيا مثلا، اقرأ صحفها، تعرفك تفاصيل حياتهم، وماهية اهتمامات مجتمعهم، وكيف هي تفاصيل الحياة السياسية، ومن هم ابرز قادتها، وما هي مشاكلها، هكذا حال كل المعمورة، أما البلاد التي لا يوجد فيها أعلام، فتصبح مجهولة لمن يريد أن يعرف، وتتحول إلى لغز محير، كما فعل صدام بالأمس، عندما غيب الإعلام تماما، وحوله لبوق يغرد باسم الدكتاتور.

حاولت إن انظر إلى مصر، لأعرف ما يجري بها، عبر نظرة لإعلامها ألان، في صبيحة السبت، المصادف 25/4/2015، فاكتشفت ثلاث محاور مهمة.

صحيفة المصري اليوم، وضعت عنوان كبير، (رعب المياه المسمومة يجتاح الشرقية)، ويتحدث الخبر عن تلوث مياه الشرب لمنطقة الشرقية، وإصابات كثيرة بالتسمم، لأهالي تلك المناطقة، ثم تبعها تصريح غريب لرئيس وزراء مصر، بان عينات المياه سليمة! هذا يدلل على أن الفساد ينخر بجسد البلد، كما هو حالنا، وان أحوال المساكين غير مهمة، والسادة المسئولين في كل مكان، دوما يجيدون فن التبرير، فتحول سبب التسمم بفعل مجهول، وليس تقصير الحكومة.

أقرا الخبر وأتذكر حالات التيفوئيد، التي تنتشر سنويا في إطراف بغداد، وخصوصا مناطق المعامل والعماري وحي النصر، بسبب تلوث ماء الشرب، الواصل عبر شبكة المياه، والصمت كان طويلا، المصريون أفضل، إعلامهم يتكلم عن همومهم، وعبر عن مأساة الفقراء.

أما صحيفة الشروق فكان عنوانها مثيراً ( 33 عاما من وعود التعمير)، حيث أجرت الصحيفة حوارا مطولا، مع محافظ سيناء الأسبق علي حفظي، فتحدث عن سنوات من التعب، وعن الفترة الأخيرة التي تشهد حالة حرب، ضد الإرهاب، مما عطل تنفيذ المشاريع، وهذا يدلل على إن مصر تعاني من تلكؤ مشاريع الأعمار، على مدار عقود، والسبب أهل السياسة الذين يتفنون بالتبريرات.

نفس الحال نعيشه، على مستوى الوطن، عقد من الوعود، مشاريع سكنية يعلن عنها، لكن المشكلة تتفاقم، فقط أموال تصرف، ولا يصل للمواطن شيء، والعذر الحاضر أن البلد في حالة حرب ضد الإرهاب، وهكذا يتم تبرير جريمة إهدار المال والزمن، بل يمكن اعتبار إن الإرهاب، هم من يمده بالديمومة! كي يمكنهم إن يسرقوا اكبر كمية من المال.

صحيفة الأهرام أبرزت في صفحتها الأولى، عنوان (السيسي يتفقد تطوير الطريق الصحراوي)، مع صورة للسيسي بملابس كاجوال، للتدليل على همة الرئيس، ونزوله مع طبقة العمال، حيث ركزت الصور لاختلاطه مع العمال، وتلقين الناس فكرة، أن الرئيس يسهر على راحتهم، مع أن الطريق منذ عشرون سنة وهو قيد التطوير، كما قال الأديب عباس منصور في عموده، منتقدا بسخرية حالة ساسة مصر، فالصور طريقة يستخدمها الساسة للضحك على الناس.

نفس الأمر حصل في العراق، فقصة (صورني واني ما ادري)، التي أضحكت الناس على ساسة، ذكراها مازالت طرية، مشاريع متوقفة، وفساد ينخر بجسد البلد، وضعف في إدارة الدولة، بعدها يسعون لتحسين صورتهم، فيخرجون من قصورهم، ليأخذوا صور في الشارع، مع البسطاء والمحرومين، تحسيناً لصورتهم، ويمارسون الضحك على ضحيتهم.

لقطات مصرية برؤية عراقية، لتناسخ الأحداث بين القاهرة وبغداد، فهل يحين يوم تنتهي فيه مآسي البسطاء، بوصول ساسة صالحين، بالأفعال وليس بالأقوال.

.

 

في المثقف اليوم