أقلام حرة

مَغنطة ومَقنطة؟!!

قبل أكثر من عامين كنت في الصين، فقال لي صديقي الصيني: تعال معي لأريك أسرع قطار في العالم!!

وكنا وقتها في مدينة شنغهاي، ووجدتني في محطة القطارات، فصعدت في أسرع قطار في العالم في وقتها، وانطلق من سرعة الصفر إلى سرعة 431 كم في الساعة وبأقل من دقيقة، كما يظهر على الشاشة، وكان القطار وكأنه يحلق في الهواء، أو ينزلق على بساط من الزيت، وعندما تساءلت عن سر هذا الإسراع الفائق، راح صديقي يشرح لي تكنلوجيا المغنطة التي برعت بها الصين، وتسعى لتطويرها في مجال النقل، وتأمل أن تصل إلى سرع غير متصورة، فالقطار يسير على سكة كهرومغناطيسية، فلا يلامس قضبان حديد مما يقلل الإحتكاك ويزيد السرعة.

واليوم أسمع في الأخبار عن أن الصين قد تمكنت من الوصول بسرعة قطاراتها إلى ما يتجاوز 700 كم في الساعة، وفقا لتكنولوجيا المغنطة، التي تفتقدها معظم الدول المتقدمة، بل أن أمريكا ودول أوربية بدأت تفكر في الإستثمار فيها.

فلا يوجد قطار سريع في أمريكا يسير على سكة كهرو مغناطيسية، كما هو الحال في الصين.

وفي حينها عندما كنت جالسا في عربة أسرع قطار في العالم، تذكرت قطار بغداد الموصل، و بغداد البصرة الذي يسير بسرعة أقل من 50كم في الساعة، وكنت قبل ذهابي للصين قد ركبت في قطار القاهرة الإسكندرية، ولا يمكن المقارنة ما بين الحالتين على الإطلاق.

فالدنيا تتحرك بأسرع من الصوت ومجتمعاتنا لا تجيد حتى المراوحة في ذات المكان، وإنما هي تنحدر بسرعة مروعة إلى حيث المجهول والضياع والخراب، ولا تزال مكبلة بآليات القنوط والإستسلام لإرادات القبور، ومنشغلة في حل مشاكل الأجداث، فلا تجد في سوح نشاطاتها وتفاعلاتها الثقافية سوى الأفكار السقيمة الخارجة عن العصر، ولا تزال في محنة الدين والحياة والدين والكرسي، والدنيا تتألق في حل ألغاز الوجود والوصول إلى عوالم الله المطلقة البعيدة، ومنهمكة بتكنولوجيا الأفكار والإبداعات الصناعية الإليكترونية والمغناطيسية، وغيرها مما لا يمكن أن يحل في عقولنا المقيدة بالبائدات.

فالدنيا تتسارع عطاءاتها وإبتكاراتها، ونحن في مستنقعات الويلات والوعيد ، لا نمتلك إلا النار والدخان ونجيد توليع كل شيئ، ما دام النفط يتدفق من التراب الجائع الذي يريد إلتهامنا أجمعين.

فهل من خروج من وحل القنوط، ووعي آليات ومرتكزات العصر ومنطلقاته الوهاجة.

فالعرب لا يمكنهم الخروج من هذه المَهلكة إلا بإعمال العقل في مجالات التكنولوجيا المعاصرة، وإلا فأنهم يبيدون أنفسهم بأنفسهم.

فهل سننظر الحياة ونتعلم صناعتها ولا نندحر في خنادق الهلاك المبيد؟!!

 

د-صادق السامرائي

في المثقف اليوم