أقلام حرة

اوباما وكوردستان

emad aliيلتقي رئيس اقليم كوردستان مسعود البرزاني اوباما اليوم والاجتماع مهم ان اخذناه من موقع نسبة التكافؤ والتوازن الذي يعطي اهمية وثقل لطرف واحد، وخصوصا انه لقاء رسمي محسوب له وفيه جدول اعمال مهمة ومصيرية يمكن ان يَلمح او يبحث فيها باقتضاب مستقبل امة عاشت تحت نير المحتلين وهو في حال غبن مستمر لحد الساعة .

ان اخذنا الجانبين في الحسبان، فان مسعو البرزاني في موقف صعب داخليا نتيجة قرب نهاية ولايته الممتدة لنهاية حزيران المقبل ويحتاج لقوة دفع ان يضعه على سكة السير الدائم بعد محطة حزيران ويمكن ان يستثمر هذه الزيارة لذلك لانه مصر على البقاء في موقعه وهو يتشبث بقشة من اجل ذلك . من المعلوم عن البرزاني انه براغماتي كما يدلنا عليه تاريخه وكلما ضاق به الذرع من القضايا والمشاكل الداخلية اصبح يعلق ما في جعبته على شماعة الاستقلال ليخلص نفسه من المضايقات والضغوطات السياسية، وهو يعلم ان الظروف الموضوعية الحالية غير مساعدة على اعلان الاستقلال وهو والسياسة التي يتبعها والاحزاب المؤتلفة معه في السلطة لم يوفروا الارضية المناسبة والمقومات الاساسية الضرورية لاعلان دولة بهذا الشكل والطريقة وما يمكن ان تنتج التطرق الى القضية ببعدها المعلوم وخطورتها في وضع كما هو اقليم كوردستان القابع بين مخالب اربع دول تُضرب مصالحهم بتحقيق هذا الهدف . لذلك لا يمكن ان يشير السيد مسعود الى ما صرح به في كوردستان في الاجتماع مع اوباما بشكل واضح وصريح ومباشر ولا يمكن ان يصر عليه كما يقولون بانه يطرحه على الطاولة كما سربه الى الاعلام في اقليم كوردستان لغرض في نفس يعقوب، لانه غير ممكن وخصوصا ان كانت الاجندة التي اعلنتها واشنطن لما يتكلم عنه اوباما في الاجتماع انها تحوي حرب داعش واوضاع المنطقة ولم تتكلم عن استقلال كوردستان ليس تصريحا ولا تلميحا من قريب او بعيد . ان كانت السلطة الكوردستانية متفائلة من جهة، نتيجة طرح البند الذي يخص مساعدة الكورد والسنة مباشرة في ميزانية وزارة الدفاع الامريكية فانهم على خطا ولم يحصل شيء بعد انهم مسحوا الفقرة الخاصة باعتبارهما دولا، من اليوم، ولم يمر في النقاشات كما كان المنتظر، اما من جهة ثانية ان كان البرزاني يعتقد بان الوضع الاقليمي الحالي يساعد على طرح هذه الامور فانه على خطا ايضا نتيجة السياسات التي يتبعها الحزب الديموقراطي الامريكي واوباما في المنطقة ليس من منفذ فيها لرؤية ما يوجه لذلك الهدف الكوردي ان قرانا وتمعنا في الدبلوماسية الامريكية التي تسير عليها منذ مجيء اوباما الى سدة الحكم وما يهم الدولة الراسمالية الكبرى امريكا ذات الاهداف المستقبلية الكبرى في المنطقة .

اما من الجانب الامريكي، وما نشاهده من نظرة اوباما الى القضايا وتعامله مع الدول في منطقة الشرق الاوسط وكيف يسير بهدوء ودون تدخل مباشر، او ما يمكن ان نسميه انه يسير دون الانقضاض على القضايا كما هو حال الجمهوريين وايام بوش، فاننا يمكن ان نعرف ما يهمه من اقليم كوردستان ضمن الموقع الاكبر الذي فيه وليس ما يخصه فقط .

ان العقل المدبر للسياسة الامريكية هي المراكز الفكرية والسياسية الضخمة التي تديرها، وهي دولة مؤسساتية عميقة والقطب المسيطر المعروف بداهيته، والمعلوم ان كل ما يؤثر عليها هي اللوبيات واكبرهم هو الاماكنيات الاسرائيلية او اليهودية بالاحرى وليست العلاقات الشخصية او العاطفة، وان كان التعويل على اسرائييل في قضية استقلال كوردستان وطرح مسالة حق تقرير المصير على الطاولة الامريكية، فانه لا يمكن في هذه المرحلة ان يثمر شيئا لاسباب متعددة ومنها عدم وضوح موقف امريكا واسرائيل معا من هذه القضية بشكل واضح وصريح او في ثنايا مراكز القرار او ما وراء الستار بحيث لم يطمئنوا الكورد على ما بعد الطرح، وكما يعتقد الجميع ان طرح القضية من قبل البرزاني اليوم هو اعتباطي ولم يُدرس او يُمهد له من قبل بشكل كافي .

ما يعرف عن اهم ما يهم اوباما هو سير المنطقة التي يعيش فيه الكورد نحو التوازن في القوى ليبقى ما يمد دولته من الثروات الطبيعية طبيعية وبشكل سلس وغير متعرقلة وفي ظل المحورين السني والشيعي لمدة مخططة لها بدقة، الى ان يحين الوقت المناسب المعلوم لديهم وكما يلمحون بعد ثلاث سنوات لتغيير مسار توجهات المنطقة وحكوماتها كيفما يتمكنوا منهم .

اوباما بسياسته الديموقراطية المرنة المعروفة عنه بالتمهل والتباطؤ في اضخم الامور واعقدها، لا يمكن ان نثق بانه قد يؤجج الاطراف التي يهمها قضية الكورد ولا يمكنه ان يضع العصي في دولاب ما بداه منذ مدة في المنطقة والذي يسير عليه بعد انفتاحه على ايران وهدفه الرئيسي الوصول الى الاتفاق النووي كمنفذ لبدء القضايا الاخرى وكيفية حفظ التوازن الصعب في المنطقة .

لنا ان نسال سؤال منطقي ومصيري، ان كان المواضيع المهمة والتي يمكن ان تكون اقل اهمية من القضية الكوردية والتي بحثت من قبل لم يعلن عنها الا ان تم التقدم في جانب كبير منها في السر، ومن ثم حان وقت الاعلان وطرحها على العلن كما هو حال المفاوضات الامريكية الايرانية في سلطنة عمان التي كانت في بداياتها سرية ولم يعلم عنها شيء حتى اقرب المقربين من الدولتين ومن الدولة المضيفة ايضا . فكيف بامر مهم ومصيري وهو يمس الامن القومي للبلدان الكثيرة في المنطقة، ان يُعلن عنه مسبقا ولم يحدث شيء بعد كما هو حال القضية الكوردية، وما يعلن عنها دون اي مقدمات لما جرى من قبل او لم يحدث شيء ملموس على الارض بعد. ومن يعلم ذرة من السياسة الدولية وما يهم المصالح لا يمكن ان يقتنع بان سياسة فرض الامر الواقع يمكن ان تتم في قضية مصيرية مهمة متعددة الجوانب والتداعيات كالقضية الكوردية وحق تقرير المصير، ولن يتم هكذا دون خطوات سرية مسبقة .

و عليه يمكن ان يكون اجتماع اليوم وما يتم في واشطن هو البحث حول ورقة عمل كيفية التعامل مع داعش في المنطقة ودور الكورد في تلك العملية وما بعدها كحد اعلى، ولا يمكن التطرق الى قضية مصير اقليم كوردستان من قريب او بعيد من الجانب الامريكي، وليس اليوم فقط وانما طالما بقى اوباما على سدة الحكم لا يعتقد احد انه يمكن ان يمد يده الى مثل هذه القضايا، لانه المعرووف عنه لا يريد وهو على هذه الحال ان يلعب بكورة الزنابير وهو ملدوغ من قبل واتعض ايضا من مرحلة حكم سلفه بوش الابن . وعليه يجب ان يعلم الكورد قبل غيرهم ان يتعاملوا مع القضايا المصيرية الحساسة التي تخصهم بتعقل بعيدا عن العاطفة من جهة، وان لا يستغلوا احلام الشعب وامنياته لتضليل الراي العام الكوردستاني من اجل اهداف خاصة شخصية وحزبية بعيدة عن كل ما يهم اهداف ومستقبل الانسان الكوردي من بعيد او قريب من جهة اخرى . ويجب ان لا يخلط الكورد ورئيس الاقليم بالذات الصراع الداخلي والمواقف مع ما يهم الكورد ومصيره، ولا يستغلوا الناس السذج وما يسيطرون عليهم بما يملكون من قوة السلطة والمال والنفوذ بالتضليلات هذه دون اي وجه حق .

في المثقف اليوم