أقلام حرة

البشر هو البشر!!

MM80المجتمع المتقدم هو الذي يؤسس لنظام سياسي يستوعب البشر، بتطلعاته وطاقاته ومعتقداته، وكل ما يمت بصلة إليه.

فلا فرق بين البشر!!

الفارق الوحيد هو النظام الذي يوضع فيه.

فالمجتمعات في حالة سائلة تأخذ شكل الوعاء الذي توضع فيه.

وكلما تغير نظامها الفاعل فيها تتغير.

ولا يمكن لمجتمع أن يبقى ثابتا، ونظام حكمه متغير أو مضطرب لا يعرف القرار، ولهذا تبدأ المجتمعات بكتابة دستور وجودها الذي ينظم تفاعلاتها ويحقق مصالحها المشتركة..

وفي واقعنا العربي لا يوجد نظام قانوني دستوري راسخ متجدد متطور، يتوافق وما يتحقق من طاقات وإرادات في أعماق الأجيال المتوافدة إلى مسرح الحياة.

وهذه الحالة الرجراجة تسببت في إحداث تداعيات وهزّات إجتماعية وخيمة النتائج والتفاعلات، خصوصا عندما يكون في السلطة أصحاب عقائد حزبية ودينية وفئوية، يعملون بها وفقا لإحداثيات العمى العقائدي، الذي يتحكم برؤاهم ويملي عليهم قراراتهم.

كما نرى ذلك واضحا في المجتمعات العربية التي تغيّرت فيها الأنظمة الحاكمة بقوة الفرد والحزب الواحد، وما نجم بعد سقوطها، وكيف تحققت التفاعلات السلبية الدامية المدمرة لجميع مفردات الحياة الوطنية والإجتماعية، وما يمت بصلة إلى بناء الدولة والوطن، فأصبحت دولا محطمة، بلا مؤسسات ولا قدرات للحفاظ على السيادة، وإنما تحولت إلى ضِياع لتنفيذ إرادات ومشاريع الآخرين، والقتال بالنيابة عنهم، لتحقيق مصالحهم، على حساب مصالح إبن البلد المبتلى بهم.

ومن الواضح أن الدول التي نسميها متقدمة، إكتسبت هذه التسمية بفعل القانون الصارم والدستور القائم، مما جعلها قادرة على إستيعاب جميع البشر من كافة الأصول والأعراق والقوميات واللغات، لأنها ما أن تكون في تلك البلدان حتى تجدها قد إنضبطت وتعلمت أن هناك قانون حاكم، وضرورة حتمية للإنصياع لضوابطه وتعاليمه والعمل بموجبه، وإلا تكون العواقب وخيمة.

وفي نفس الوقت، هذه المجتمعات توفر الحياة الحرة الكريمة للإنسان، مما يجعله يقدس القانون والدستور، لأنه يجد فيهما مصلحته وسلامته ومستقبله ومستقبل أحفاده.

وعندما نتمكن من تحقيق السعادة الوطنية والشعور الصادق بالإنتماء للوطن، الذي يحكمه القانون العادل والدستور الصالح الصائب، عندها فقط يحق لنا أن نتحدث عن الناس بموضوعية وعلمية وفهم إنساني صحيح، وإلا فما نكتبه اليوم ونحلله، ما هو إلا من إبداع الرجم بالغيب!!

 

د-صادق السامرائي

في المثقف اليوم