أقلام حرة

الوجه الآخر لفسطين

moamar habarفي نفس الأسبوع، حضرت محاضرتين، الأولى للسفير الجزائري سعيد لؤي، وخصصت لها مقال بعنوان "فلسطين كما يراها فلسطيني". والثانية لإمام مسجد الأقصى إسماعيل نواهضة، وأفردت لها مقال بعنوان "خطيب الأقصى بالجزائر". وبعيدا عن المجاملة والضيافة والدبلوماسية، كان على المتتبع أن يقوم بتسجيل بعض الملاحظات العابرة..

من خلال تدخلات الطلبة الفلسطينيين بالجزائر، وبالضبط بكلية الحقوق،جامعة الشلف، يبدو جليا أن أداء اللغة العربية، لم يكن بالمستوى الجيد الذي عهدناه من الفلسطينيين. وقد زادت هذه القناعة، وأنا أحدث طالبا فلسطينيا حول مقالي "فلسطين كما يراها فلسطيني"، فكان طيلة الحديث، يحدثني بالعامية الفلسطينية، وأنا أحدثه بالعربية الفصحى.

مازال الطفل يفتخر، كون أذنه تربت على إذاعة "صوت فلسطين" بالجزائر، فكانت مدرسة في اللغة العربية من حيث الصوت والأداء. وقد جلس التلميذ في مقاعد الجامعة، ينصت لعالم المستقبليات أستاذه وليد عبد الحي، أمد الله في عمره، يسمع لأدائه اللغوي بصوت كله جاذبية.

والسؤال الذي يطرح نفسه، هل فعلا مستوى اللغوي للفلسطينيين إنخفض إلى هذا الحد؟. أم هو متعلق بالطلبة فقط؟. أم يتعمدون ذلك الضعف؟.

واضح جدا أن الفلسطينيين، لايحبذون التطرق لاختلافاتهم أمام الجمع ووسائل الإعلام، لكن حين يحاصرهم السائل بأسئلة حول الموضوع، يتحدثون بعنف شديد عن الآخر، ويصفونه بأبشع الصفات، مايوحي أن عدم التطرق للخلافات، وسيلة سياسية لكي لا تتطرق للآخر بما فيها من ميزات.

إن الفلسطينيين يشتكون من إنقسامات العرب، وكيف أثرت سلبا على وحدتهم وتماسكهم. وما يجب قوله في هذا المقام، أن غيرهم من العرب، يشتكون كذلك من إنقسامات الفلسطين وتناحرهم، وأنها أثرت على وحدة العرب، فأمسى كل يميل لفريق فلسطيني على حساب الآخر، ويغري هذا ضد ذاك.

إذن، العرب قاطبة والفلسطينيون دون استثناء، مشاركون بشكل أو بأخر، وبوعي وغير وعي في الانقسام العربي والفلسطيني، ولا داعي لتبادل التهم، فكل متهم .

يبدو واضحا، أن القائمين على غزة والقائمين على الضفة والقطاع، لايريدون الانفصال ويسعون للوحدة وبكل السبل المتاحة، لكن كل منهم يسعى لأن يكون القائد والخليفة، وهذا هو مكمن الخلاف غير المعلن. من يقود، ولمن تكون الزعامة والريادة؟.

إن الفلسطينيين بفصائلهم، لايريدون أن يكونوا تحت غطاء دولة عربية، حتى لايكونوا لقمة للضغط والإكراه، لكن في نفس الوقت، كل منهم يستقوي على أخيه بالأجنبي، ولو كان أعجميا، ولو إدعى أن الظروف القاسية دفعته لذلك، وأنه لم يجد من أخيه العون والنصرة.

إن العاقل لايميل لأحد من الفلسطينيين ضد الآخر من الفلسطينيين، وكما يسعى لوحدة أرضه وشعبه، فليسعى لوحدة فلسطين وشعبها تحت أرض واحدة وقبة واحدة وقيادة واحدة، ولينبذ كل أشكل الفرقة والاقتتال، مهما كان صاحبها وفاعلها.

كان الفلسطيني والعربي على حد سواء، كل منهما يسعى لإيجاد أفضل السبل لمواجهة الصهاينة، ليشب بعدها حريق في البيت الواحد، ونعلم على حين غرة، أن صاحب البيت، هو الذي أشعل النيران، واستعان بمن زادها لهيبا واشتعال.

 
 

في المثقف اليوم