أقلام حرة

وسادتي الغير مريحة

ahmad alkhozaiوسادتي التي تشاركني جزء من همومي اليومية، وتشاطرني أحلامي المسلوبة في هذا البلد المسكين، منذ فترة وهي تشكل لي مصدر ارق وإزعاج كونها أصبحت فجأة وبدون سابق إنذار غير مريحة، حتى اعتقدت إنها ليست وسادتي، لكني كلما تفحصتها وجدتها بأنها هي نفسها لم تتغير وإنما تغير غطائها الذي كان يغلفها فقط، حاولت تجاوز هذه الأزمة الخطيرة وان أتأقلم مع الوضع الجديد واسلم بالأمر الواقع .. لكنها أبت إلا أن تكون غير مريحة لدرجة تحولت فيها إلى كابوس يهاجمني كلما حاولت أن أغفو عليها ... فتارة تتحول إلى كرش سياسي لص فاسد أوجدته الصدفة، ومحاصصة المغفور له برايمر ، لا يعرف من السياسة شيء سوى إنها وسيلة لسرقة قوت ومستقبل هذا الشعب المغلوب على أمره، وتارة أخرى تتحول إلى فم كبير وقبيح يصدر رائحة نتنة تزكم الأنوف لرأس فتنة يقبع في احد فنادق الدول المجاورة، ينفث سمومه من هناك لقتل العراقيين وبث الفرقة والتناحر بينهم، عندها قررت أن استبدلها، لكني كنت اسمع من أمي إن البيت والزوجة والسيارة (كَرفة)، ولم أكن اعلم إن الوسادة كَرفة هي الأخرى ، كانت بديلتها ناعمة مكتنزة، وهنا اقصد الوسادة،شبيهة بوسائد (نضدة) جدتي التي بقيت غافية على رأس دولابها الخشبي القديم لسنين طويلة حتى رحلت عن هذه الحياة، وهي بانتظار زائر لم ولن يأتي .. يبدو إن هذه الوسادة كانت يسارية تقدمية بعض الشيء، تحمل في طياتها بعضا من أحلام الماضي، شاهدت وأنا أغفو عليها بقلق وانزعاج، بان مصانع بلدي يملاها عمال يرتدون بدلاتهم الزرق، وان مزارعه خضراء جميلة، تنتج قمحا وفاكهة وخضر، وان ساسته يتجولون في شوارعه وأسواقه بلا طوابير من الحمايات وارتال السيارات المصفحة، رميت بهذه الوسادة بعيدا، خوفا من أن اصدق ما أراه، وجئت بأخرى كانت أكثر احتشاما من أخواتها السابقات، وبدت إسلامية داعشية، كانت كوابيس من الدماء والرؤوس المقطوعة، استحضرت في أحلامي كل تاريخنا الإسلامي السيئ الصيت، رأيت رأس مالك ابن نويرة يشوى على نار الحمية الإسلامية وهو يرنو إلى امرأته الجميلة التي اغتصبت تحت راية الإسلام وبأسمه ، رأيت لسان ابن السكيت يرمى لكلاب قصر المتوكل، لأنه نطق بالحق في زمن الباطل، كان غيلان الدمشقي يوزع أموال الساسة السراق على فقراء المسلمين وهو ينادي (هلموا إلى أموال السرقة)، وجسده المصلوب ينزف عفة على احد أبواب دمشق، رأيت الحلاج يتوضأ بالدم على أعتاب مدننا الفقيرة، ليصلي ركعتين في العشق لا يصح وضوئهما إلا بالدم .. عندها قررت أن أعود إلى وسادتي القديمة لأنام عليها، لكن هذه المرة بلا اغطية أو وجوه جديدة عسى أن تعود الى رشدها مرة اخرى .

 

احمد عواد الخزاعي

في المثقف اليوم