أقلام حرة

العراق ومراوغة الاسلام السياسي

emad aliهل من المعقول ان تتغير الاستراتيجية السياسية والهدف العام لحزب سياسي كبير بشكل مطلق بين ليلة وضحاها دون اية مقدمات او تلميح للتغيير وموجباته واسبابه. انك تؤمن بالفدرالية والاقلمة وحرية اختيار نظام الحكم ومن ثم بمراوغة سياسية واضحة تدعي العراق الواحد الموحد المركزي الحكم، بينما نياتك الحقيقية معروفة للجميع. انك لم تخسر مؤيديك فقط بل ستفقد منتميك الحقيقيين المبدئيين البعيدين عن المصالح ايضا اما المصلحيين فليس عليهم الحرج. وهل من المعقول ان تنصح الاخرين بان يرفضوا الدستور العراقي المؤدي الى التقسيم حسب رايك وموقفك ومن ثم تطالب بالتقسيم وليس الفدرالية فقط . ما هذه الفوضى التي يعيشها الشعب العراقي بكل مكوناته، وما هذه المناورات والمراوغات التي تتبعها الجهات بسذاجة، وهي تتحايل على مؤديها و بعض منهم غافلون والاخرون يعلمون ما يجري وملتصقون بالمصالح التي لولا تلك الجهات لا يمكن تحقيقها. من جانب اخر ترى جهات اخرى كل ما تعلنه من المباديء هو المنطق واسس العلمانية والمدنية ومن ثم تطلب العون من المرجعية الدينية لتحقيق مرامها واهدافها، وعلى العكس منها هناك من الاسلام السياسي المستند على المعتقد والدين يدعي الفلسفة العلمية والحياتية وفصل الدين عن الدولة، بينما في السر والعلن يربي ويعلم منتميه على شبح الموت والاخرة والجنة والنار اكثر من اسس وطرق تمتعهم بالحياة والعمل من اجل التقدم والسعادة البشرية .

في الفوضى العراقية الحالية التقية اصبحت اداة بيد الاحزاب المدنية والعلمانية والعلم، والمعرفة كوسيلة نظرية فقط بيد الاسلام السياسي من اجل احتكار السلطة، وهذه هي النية المبيتة وعين المراوغة التي تمارسها اكثرية الاحزاب على الساحة العراقية مستخدمين كافة الوسائل المتاحة لديهم للترويج ما لا يؤمنون به حقا ويغطون به ما يهدفون في استراتيجيتهم الفكرية والفلسفية والسياسية مستغلين الامية والمستوى الثقافي الواطيء والاخلاقيات الدنيئة لترويج سلعهم الفكرية الاستهلاكية (بفارق كبير بين العلمانيين والاسلاميين السياسيين) وفي اجواء ملتهبة سياسيا وبوجود اكثر الوسائل بيدهم وامتلاكهم من الاعلام الى المساجد والمنابر والمناسبات الدينية التي خلقوها وبرزوها لاسباب ودواعي سياسية قحة فقط بعيدا عن المناسبة ذاتها والتي لا تستحق كل الفوضى التي خلقت من اجلها .

من جانب اخر فان الفوضويين المراوغين داخليا ومتحالفين مع الخارج على كثر بحيث يتحالفون على توحيد جهودهم من كافة النواحي اضافة الى ما يعملون عليه من ترويجهم الاعلامي ومن المنابر المتعددة للوقوف امام اية وسيلة او مؤسسة ديموقراطية تؤمن بالمدنية والعلمانية الحقيقية وليست لها اية مصلحة سياسية في عملها، ويغطون عليها ويشوهون منظرها وسمعتها امام عموم الشعب، انها المراوغة والتضليل الذي يتبعونه في تحقيق اهدافهم سواء كانوا متقصدين او نتيجة ما تتطلبه مواقفهم ونياتهم والوسائل المتاحة لديهم في عملهم الفكري الفلسفي والسياسي، وبه ارتبط النظام القائم في العراق والتنظيمات السياسية على اسس يمكنهم من مراوغة البعض والاخرين وفرض الذات عليهم .

ليست الحال في العراق كما يمكن وصفها بالفوضى فقط وانما هي فوضى المزدوجة في المراوغة والتضليل المتبع للكيانات ايضا، اي نرى جهة تراوغ مع الشعب العراقي بامراقليمي خارجي ويدعي استقلالية قراراته ومواقفه، بينما الاخر يتحالف مع الغرب وينفذ ما يطلبوه ويعلن عن وطنيته دون ان يتمكن احد ان يكذبه لنفوذه وقوته التي استحصلها من امكانات السلطة التي تربعها والتضليل والخداع المستمر الذي مارسهما خلال العقد الكامل ونيف من بروزه والسير على السكتين المتوازيتين طوال هذا العقد .

اما مراوغة امريكا وايران والجهات العراقية المتعددة واكثرهم من الاسلام السياسي مع بعضها، حدث ولا حرج، فانهم يصادقون ويعادون في اللحظة ذاتها، اي اصبحت الفوضى مرتعا للمراوغات والمناورات الداخلية والاقليمية والدولية في العراق ما بعد الدكتاتورية، والمتضرر الاول والاخير هو الشعب العالق في الوحوةل المختلف الاشكال والتراكيب، وهو مجبر من اجل بقاءه ان يتبع وسائل مختلفة كالمراوغة والتضليل والمناورات السياسية والخلط ما بين التكتيك والاستراتيجية، دون ان ينبس الفرد العراقي ببنت شفة .    

 

في المثقف اليوم