أقلام حرة

العار والإستثمار والأنبار

watheq aljabiriكتبت قبل أكثر من عامين، عن الشيخ عبدالملك السعدي، وقلت أنه قلب الطاولة، وأقصد على الطبقة السياسية الطائفية والسلطوية، التي إختلفت توجهاتها، وإجتمعت نتائج أفعالها.

كنت محقاً في وقتها، ومؤيداً لأي صوت يتحدث الحيادية، وينبذ أصوات تضج بالطائفية.

ينظر المجتمع أحياناً؛ الى رجال الدين وعمداء القوم، ويتنظر العقلانية والخطاب المعتدل؛ على أساس أن بصيرتهم أبعد من بقية المجتمع بمسافات، ويتحاملون على جراحهم حفاظاً على المصلحة العامة، ويفسرون الأحداث بحكمة؛ حتى التي لم يعيشوها.

دعا الشيخ السعدي قبل عامين للحوار، في وقت أحتدام تظاهرات الرمادي وعدة مدن، وبروز أصوات تدعو للطائفية والقتل، ودعواه تعني سحب البساط من تحت أقدام المراهنيين على الطائفية، ووضع الحكومة على محك واجباتها، وأختبار لساسة تلك المناطق للعودة، ورفض الإنسحاب من الحكومة، لأن الحوار هو السبيل الوحيد، وأختفى كغيره بعد دخول داعش، ولم يأخذ دوره الديني، في إصدار فتوى عن السبايا، وكنت أتمنى له الحضور هذا العام، ويقف بين الكاظمية والأعظمية، ويدعو لوحدة الصف، ويشاهد ما جرى عن كثب.

كنت شاهداً من بين ملايين أحيوا مناسبة إستشهاد الإمام الكاظم عليه السلام، وقد أكتضت الشوارع والجسور بالسيول البشرية، من كل الطوائف والأديان العراقية؛ في أكبر تظاهر تشهدها عاصمة دولة، وجسدوا معاني العمل الطوعي والخدمة والتواضع، وجددوا رفضهم للظلم والطغيان، وحملوا الى أمامهم والعالم رسالة سلام، وأياديهم مرفوعة بالدعاء لحفظ العراق موحداً آمناً، بعيد عن متناول الشر والفتنة.

وفدت جموع نساء وأطفال ورجال، ولم يكن بحساباتهم أن الإرهاب يكرر لعبته القذرة، وفي تمام الساعة 12 ليلاً؛ أثير مشهد الرعب الأشبه بكارثة جسر الأئمة، وهذه المرة على خمسة جسور ومناطق متعددة في آن واحد، ورغم ذلك تحدى الزائرون الإرهاب، وفي لحظتها عرفها أبسطهم إنها إشاعة، وبعدها أحرقت هيئة إستثمار الوقف السني.

تسارعت قنوات تعتاش على الطائفية، الى تضخيم الحادث، ولم تتناول المخطط الخطير، الذي كان يراد منه قتل مئات الزائرين وإشعال نار الطائفية، وتعالت ردود أفعال متباكية، وكأنهم أدوات يديرهم الإعلام، فتحدثوا بلغة طائفية مقيته، تَرَفّع عنها حتى أطفال الزائرين، وإرتفع صراخ قادة وشيوخ عن دور محروقة وأيران وعاصفة الحزم، ولم ينطقوا بأسم داعش، والعار الذي تركوه خلفهم وسكنوا الفنادق؟!

أنهم سطحيون ويتعاملون مع الأحداث بأنفاس طائفية، وما خطابهم المعتدل يوماً؛ سوى واقعة مصلحية.

ليس جديد على الإرهاب أن يقتل هذه الطائفة، ويرد على الآخرى لإثارة الفتنة، ولكن الغريب أن ينجر قادة قوم؛ الى الدفاع المستميت عن هيئة إستثمار، وقد حرقها أما الإرهاب أو مثل أيّ غرفة عقود يحرقها الفاسدون، وصمتوا عن العار، ولم تتحرك ضمائرهم على قطاف الرؤوس وإغتصاب الحرائر، من أبناء عموتهم، فأين هم اليوم من الأنبار؟!

 

واثق الجابري

في المثقف اليوم