أقلام حرة

الإستحطام العربي !!

MM80الإستحطام: إستلطاف الحطام

من أخطر وأدهى التحديات الحضارية العربية المعاصرة، أن العرب أصبحوا يستلطفون الحطام والدمار والخراب!!

وكأن الإنسان العربي صار حطاما نفسيا، فكريا، عقليا، روحيا وعقائديا!!

والدليل على ذلك، لو أنك ناديت حتى يبح صوتك، وكتبت بأقسى العبارات والكلمات عن الحطام فلن تجد مَن يسمع أو يقرأ، أو تأخذه الغيرة والحمية والنخوة الإنسانية، وكأن العربي لا يعيش في هذا المكان والزمان، وإنما هو في مملكة الأجداث ويجالس الأموات ليموت معهم، ففي وعيه هم الأحياء وهو الميت!!

حالة إستثنائية غريبة ومريبة ومرعبة وفظيعة، لم يحصل كمثلها في تأريخ البشرية إلا فيما قل وندر، لأنها لا تتفق ولا تتواءم مع إرادة الحياة وقوانين التحدي والبقاء.

حالة عربية شاذة، متناغمة مع آليات الصيرورة الإنقراضية الحتمية!!

فكيف وصل العربُ إلى هذا المصار المروّع، الذي يسرّ عدوهم ويؤلم تأريخهم ويدمّر أجيالهم؟

العرب يتسامقون بالدين ويتحطمون به!!

وفي زمنهم المنكوب بهم، تحول الدين إلى معضلتهم ومَهلكتهم، فما تكوّنوا به وفيه، ينسجرون به وفيه!!

ولا صوت يعلو على صوت الدين وخطاباته، في زمن تعيش البشرية عصور ما بعد العقائد والأديان، وتمضي في إطلاق قدرات العقول المبدعة الفسيحة.

أي أن العرب في محصلة مساعيهم، يتراكمون على هامش العصر، ويتحولون إلى أعباء ثقيلة على المسيرة الإنسانية، وكل عبئ يُلقى بعيدا عن مجرى التيار الحضاري الدفاق!!

فلا يمتلك العرب قدرات بناء السدود الحضارية، وإنما قد برعوا في تقرير مصيرهم المتداعي، ومسيرتهم التآكلية الإستنقاعية، وهم يتصارعون على هوامش الوجود الإنساني الصاخب بالعطاءات الأصيلة المتواكبة، ولن يتواصل فيه إلا مَن يتعلم مهارات ركوب الموج والسباحة بعزيمة الخيال!!

فهل سينكر العرب سلوك الحطام، ويتعلمون الحياة في التيار الجاري؟!!

 

د-صادق السامرائي

في المثقف اليوم