أقلام حرة

العراق ولعبة جر الحبل بين الإيرانيين والأمريكان

MM80ما دام الآمل والرجاء، بحكم مجرى التاريخ والتجارب، ضعيفاً في ان يكون للعراق قائد عراقي وطني يكون حامى حمى للعراق وشعبه؛ يقف بوجه الأطماع الآجنبية التي تتلاعب بمصيره اليوم كيف تشاء بلا حول ولا قوة منه، فلا مناص من ان يحتمي العراق ببلد من إثنين ليكون حامي حماه ضد البلد الآخر! فالعراق اليوم هو ضحية لا حول له ولا قوة في لعبة جر حبل بين الأمريكان والإيرانيين، فوز أي طرف فيها هو بالتالي فوز للطرف الآخر أيضا بالإتفاق السري الذي يسمى عادة إتفاق تحت الطاولة. الإيرانيون يسحبون؛ يعني يتغلغلون ويتسللون ويندسون وينسلون وينفذون يواش، يواش (بالفارسي)، يعني بالعامية العراقية: شويه، شويه، إلى العراق، مستحضرين تاريخ الإمبراطورية الساسانية يوم كانوا وكان العراق تحت حكمهم وسيطرتهم قبل ان يجري عليهم الفتح الإسلامي الكبير الذي أنهى إمبراطوريتهم وفتح فارس كلها وحرر العراق. وهم لم يخفوا نواياهم تجاه عراق اليوم، قالها أحد مسؤوليهم ان العراق هو العاصمة السياسية والإقتصادية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، تماما كما كان عليه الحال أيام الإمبراطورية الساسانية..... والأمريكان يسحبون؛ يعني يأمرون وينهون ويوافقون ويرفضون ويعينون ويفصلون ويرضون ويغضبون باعتبارهم الأوصياء عليه واصحاب الحق الأول في التصرف بمصيره، حاضره ومستقبله، بعد ان أسقطوا نظام الحكم البعثي في نيسان 2003 الذي لم يجرأ احد من العراقيين على تحديه والعمل على إسقاطه على مدى اكثر من 35 عاما حكم خلالها العراق بقساوة وشراسة لم يعرف تاريخ الدكتاتوريات مثلها.

لذلك، على الحكومة العراقية ان تتخذ موقفا شجاعا، صريحا، واضحا من لعبة جر الحبل التي تمارس عليها من قبل الإيرانيين والأمريكان، التي يجرها فيها مُرغَمة هذا الطرف مرة وأخرى يجرها ذاك، وليس باستطاعتها هي جر الطرفين معا، أي كسب رضاهما وودهما إليها في آن واحد لضعف موقفها السياسي والعسكري والإداري، ولأنها لا تملك أمرها بيدها أساسا.... نقول، على الحكومة العراقية معرفة ان لعبة جر الحبل هذه متفق عليها ضمنيا بين طرفين يريدان إقتسامه بالتراضي والتغاضي، فتمتلك الشجاعة والجرأة ولو لمرة واحدة فتعمد في المرة التي يجرها فيها احد الطرفين، الإيراني او الأمريكي، ان تحزم أمرها وتقول: يا الله، وتذهب إليه لتحتمي به وينتهي الأمر. وليس عليها ان تخاف من الطرف الآخر وتهديداته شريطة ان لا تذهب بعيدا مع الطرف الذي ستذهب إليه. فإذا ذهبت إلى طرف الحبل الإيراني فلا يجب ان تخاف من طرف الحبل الأمريكي، وإذا ذهبت إلى طرف الحبل الأمريكي فلا يجب ان تخاف من طرف الحبل الإيراني، لأن كل طرف يعرف ما له وما عليه في الإمساك بالعراق في لعبة جر الحبل بينهما التي ستنتهي في آخر المطاف إلى عراق مقسم بين الإثنين، كما نرى، وعسى ان نكون على خطأ وخطل!

ولكننا نستدرك قبل ان ننهي كلامنا فنقول ان العراق وشعب العراق كانت له فرصة ان ينهض ويتقدم حين ظهر قائد وحامي حمى عراقي وطني من بين صفوفه حاول ان يقف بوجه الأطماع الأجنبية وبدأ يقود العراق إلى مستقبل منشود. ولكن هذا القائد العراقي الوطني وحامي الحمى تكالب عليه الأشرار، من الأقرباء والغرباء، وتأمروا عليه داخليا وخارجيا خلال ثماني سنوات من قيادته للعراق حتى أسقطوه أخيرا، لينتهي العراق وشعب العراق إلى ما هو عليه اليوم؛ سفينة بلا ربان في بحر هائج. فهل نأمل ونرجو ان يظهر مرة أخرى في المستقبل قائد عراقي وطني هو حامي حمى آخر ليقود عراقا حرا، مستقلا، وسيدا على قدره ومصيره؟

وإذا كانت الفرصة قد ضاعت ومن الصعب ان تعود لكنها ليست مستحيلة. وإلى ان يظهر حامي حمى العراق الوطني الشجاع حين تتهيأ الأسباب والمسببات التاريخية لظهوره، فإن على العراق ان يحتمي بحمى واحد من بلدين: إيران او أمريكا! أما إذا إستطاع ان يكسب رضى الإثنين وودهما، وفي نفس الوقت يحافظ على العراق بلدا واحدا وشعبا موحدا، فتلك معجزة ما بعدها معجزة!

 

احمد العلي

 

في المثقف اليوم