أقلام حرة

مع وعلى؟!!

MM80مع كلمة تدل على المصاحبة، وعلى حرف جر يفيد معنى فوق، (على التل، على المنضدة). وفي التفاعلات البشرية ما بين القوى، يختلط الفهم ما بين على ومعَ، ذلك أن القوة التي معك، ليس بالضرورة تحقق مصالحك، لأن كل قوة لا يمكنها أن تصاحب قوة أو حالة أخرى، إن لم تحقق المصاحبة مصالحها.

وقد تكون القوة معك لكنها لا تحقق مصالحك، وإنما تضرّ بها، بل وتدمرك وتتسبب لك بالمزيد من المشاكل والخسائر.

وما يحصل في المنطقة العربية، أن أنظمتها (السياسية)، تتكل تماما على من يوهمها بأنه معها، وتتناسى أن القوة دائما تكون مع ما ينميها ويزيد من قدرتها على التدمير والسطوة والهيمنة، والوصول إلى مصالحها بأقل التكاليف.

ولهذا فأن المنطقة في محنة الويلات لأنها تتغافل أو تتجاهل بوصلة مصالح القوى التي تحسبها معها، وهذا يتسبب في أن القوة المصاحبة تصبح عبئا وثقلا على الذي يُصاحبها، وعامل تدمير وتخريب لوجوده، لأن مصالح تلك القوة تقتضي بذلك.

وهذا يفسر الكثير من الحالات، ويجيب على العديد من التساؤلات، فليس بالضرورة أن تكون القوة التي معك، هي في حقيقة سلوكها معك، وإنما هي مع مصالحها، التي وجدت الأرضية اللازمة لتحقيقها، أي أن تقبل أي قوة لتكون مع قوة أخرى، يعني أنها قد وجدت منافذ جديدة وسهلة للوصول إلى أهدافها.

ومشكلة القوى الصغيرة أنها تتحول إلى حالة معمعية للقوة الكبيرة التي صحبتها، وبهذا فأنها تكون مسخرة لتأكيد إرادة تلك القوة، لأنها ربطت مصيرها بها، وأصبحت مستعبدة ومأسورة بقبضة القوة المصاحبة.

ومن هنا فأن هذا الفهم المنحرف والمضطرب، يمنع رؤية الواقع والتحديات، وينمي الإتكالية والتبعية وعدم الشعور بالمسؤولية، وتصبح القوة الكبيرة فيما تقوم به على القوة الصغيرة التي تماعيها، وبهذا تتحول ديارها إلى سوح خراب ودمار.

وما يجري في البلاد العربية يمكن تفسيره وفقا لذلك، لأن الأنظمة (السياسية)، مصابة بالمعمعية، وهو وسواس سلوكي تدميري فظيع، يؤهل المجتمعات للإنقراض والإبادة بتعجيل شديد.

فهل ستستيقظ الأنظمة العربية، وتتعلم الإعتماد على نفسها وتتعايش وتتكافل بأساليب وتقاليد حضارية معاصرة؟!!

 

د-صادق السامرائي

في المثقف اليوم