أقلام حرة

كلام وجيه ... وأزمة الإعلام العراقي

ahmad alkhozaiيمكن اعتبار برنامج كلام وجيه ظاهرة جديدة وغريبة ومثيرة للجدل في المشهد الإعلامي العراقي، الذي اعتاد المجاملات والتورية والتسويف في تغطيته للأحداث الجارية في العراق منذ عام 2003 ولغاية الآن، حيث لم يعتد الجمهور العراقي على هذه الجرأة في التعامل مع الحدث، والوضوح في الطرح، إلى درجة قد تسبب إحراج للكثير من الأحزاب والشخصيات العاملة في الساحة السياسية العراقية، بأسلوب ساخر لا يبتعد كثيرا عن نبض جزء مهم من الشارع العراقي، وجيه عباس صوت عراقي شيعي   تمكن من تجاوز عقدة التقية التي اتشح بها معظم الإعلام العراقي واستطاع تحويل هذا الإعلام إلى أداة فعالة تسهم في تشخيص الخلل ووضع الإصبع على الجرح ونكأه، منذ سقوط الصنم والهزة العنيفة التي أصابت المجتمع العراقي وعدلت المسار التاريخي للعراق الحديث، والمكونات الثلاث الرئيسية المكونة للنسيج الاجتماعي العراقي تعيش ازدواجية في التعاطي مع التغيير الذي حصل وتعيش حالة من انعدام الثقة بسبب التراكمات التاريخية التي خلفتها ورائها المعادلة المغلوطة التي بنيت عليها المنظومة الحاكمة في العراق عند تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921 ميلادي، السنة العرب لازالوا يعيشون عقدة الماضي القريب ويسعى البعض منهم لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، والكورد يحاولون نيل اكبر قدر من الغنائم والمكاسب في ظل الواقع الجديد مستغلين مظلوميتهم عبر تجربتهم المريرة مع النظم السياسية التي توالت على حكم العراق حتى 2003، والشيعة العرب لم يستطيعوا التحول من عقلية المعارضة إلى عقلية الحكم والقيادة ولا زال أدائهم مرتبك ومشوش ومتقاطع مع بعضه البعض، حتى ساهموا في إيصال رسالة غير مباشرة لفرقائهم السياسيين وللعالم بأنهم اقل انسجامنا وتوافقا من باقي مكونات المجتمع العراقي،التي سعت هي بدورها إلى إشعار الآخرين بأنهم متوحدين اتجاه قضاياهم المصيرية، كل هذه المتناقضات جعلت من المشهد السياسي العراقي يبدو مشوها وشاذا، الضحية والجلاد كلاهما يشكوان الظلم، السارق يتهم المسروق، لذلك كان لابد من وجود أصوات تكشف بعض من هذه الأوراق ويعيد ترتيبها وفق رؤية قد تتهم بالطائفية وتثير حفيظة البعض .. لكنها في نفس الوقت تشكل ضرورة وطنية لا بد من وجودها، ونوع من المكاشفة لعلاقة ضبابية شائكة ترتبط بها القوى السياسية العراقية، فكان برنامج كلام وجيه على قناة العهد الفضائية يمثل صرخة مدوية بحاجة إلى توقف ودراسة من المعنيين بشأن الإعلام العراقي الذي افتقد لمثل هكذا أصوات قادرة على مواجهة الحقيقة، بغض النظر عن مدى خطورتها أو وقعها على الشارع العراقي، وجيه عباس مشروع إعلامي عراقي حر قد يتخطى حدود انتمائه الطائفي ويتعدى إلى ما هو اشمل وأوسع، ليشكل اللبنة الأساس لعملية مواجهة ورفض لحالة النكوص التي تعانيها المنظومة الأخلاقية والاعتبارية للكثير من النخب السياسية العراقية، وخط شروع لمشروع إعلامي عراقي كبير تتبناه قنوات فضائية ووسائل إعلام مقروءة ومسموعة لمحاربة الإرهاب بكل أشكاله وفضح الفساد والمفسدين وتشخيص مكامن الخلل في البنية السياسية العراقية التي تترنح منذ اثنا عشر عام .

 

احمد عواد الخزاعي

في المثقف اليوم