أقلام حرة

لتعصب العشائري سكين في خاصرة الوطن

watheq aljabiriالعشيرة وجود تلقائي للإنسان العراقي؛ كالعائلة للإنتظام في الحياة والتكافل والتكامل، والتربية في الدواوين، والأعراف التي تشكل ركن تركيبة المجتمع العراقي.

برز دورها في التاريخ السياسي الحديث إبان ثورة العشرين، وكان لزعمائها اليد العليا في التصدي للاحتلال البريطاني.

رغم كل الظروف إستطاعت العشيرة، أن تكون من أدوات الحلول للمشاكل الاجتماعية، وتنطلق من إعتقاد أن الوطن للجميع والجميع للوطن، والقوة بالاتحاد والاتحاد قوة؛ في مجتمع متعايش في أحلك الظروف، يمتد من تركيبة متمازجة بين الريف والمدينة، وتربطها أصول قبائلية؛ ما أعطى للعشيرة دور أمني وإجتماعي وإقتصادي

حاول الغزو الفكري والعسكري، وطبيعة الأنظمة الحاكمة والتيارات الحزبية؛ عدة محاولات للتأُثير؛ لكنها وجدت قوة العشيرة ند، ما جعلها أحد أهدافه؛ هو تفكيكها وتحويل دورها من الإيجابي الى السلبي، وقطع كل أوصالها، التي ترتبط مع العائلة في نطاق الوطن.

أوجدت بعض الأنظمة والحركات، أوصاف ضيقة ونعتها بالتخلف والرجعية، وحاربتها بشتى الوسائل القمعية والإقتصادية، أو إستغلال إسمها للمارسات السلبية، والتمترس بها كدرع حامي من الأخطاء الفردية.

عرفت العشيرة العراقية بدورها الإيجابي بعد 2003 م، وقيامها بديلة عن القانون، وحماية المناطق من الإرهاب، ودعم النظام الجديد ورفد المعركة بالشباب، ولم تتخذ من نفسها بديل عن القانون والدولة، وهنا أريد زجها في الخلافات المجتمعية والحكومية، وصارت محور التهديد والإساءة للدين والوطن والمجتمع والقانون، وفرضت سنن تسيء لها، من التعامل مع الحوادث بصورة إنتقامية؛ ترهق كاهل المجتمع وتفرض قيود تعطل العمل المؤسسي؛ حتى في أخطاء غير مقصودة؛ لتكون طلباتها غير قانونية، والعودة بها للتعصب؛ حيث تترك المعركة؛ حينما يسمع أحدهم بمقتل أبن عمه، وأخذ إحدى أخواته فصلية بالقوة؟!

إن بعضَ ألأطراف تحتركت لإفتعال المسببات، ولصقها بالعشيرة دون سند شرعي وقانوني، وصنعت تمرد داخلي؛ قطع مصادر أرزاق ومهن، وأجبر أفرادها على الهجرة والتبعثر، وتغيّب دورها التربوي، وفتح الجبهات الداخلية، والصراعات بين العشائر، التي فرضت بعضها قيود مستهجنة، تخل بطبيعة المجتمع العراقي، والعشيرة وواقعها الأصيل في هذه الظروف، لكونها نواة المجتمع بعد العائلة ومختلطة الطوائف، وتستطيع كأحد ركائز المجتمع، أن تكون الأساس لبناء مجتمع ودولة متماسكة.

أكثر المشاكل العشائرية في البصرة؛ كونها مدينة ذات معنى وطني كبير، ومن أكثر المحافظات، التي ترفد المعركة شباباً وإقتصاداً.

تواصلت العشائر العراقية في مناسبات عدة، وهي تملك قدرة الإجماع والإجتماع، وتلعب دور بناء اللحمة الوطنية، والتواصل مع القوى السياسية؛ للنهوض بالواقع المجتمعي المتشابك بالوطنية، والمساند للدولة والقانون؛ بشكل دعامات بناء، مطلوب منها عشائرياً، أن تكون قواعد يتسودها الوطن، لا أتتخذ منها الأجندات الخارجية؛ كسكين في خاصرة الوطن.

 

واثق الجابري

في المثقف اليوم