أقلام حرة

"ناظمية" أمثولة التلاحم الوطني

watheq aljabiriرسم الحشد الشعبي بأنامله الوطنية المعطاء؛ كثير من القصص والبطولات، في معارك تطهير أرض العراق، من دنس الإرهاب الأسود، وخط بدماءه صور مشرقة للأجيال القادمة.

صور يحتاجها التاريخ؛ بأن تكون كالقلائد على صدور الأجيال العراقية، وتحفر في ذاكرة التاريخ؛ لتروي للعالم تجربة صناعة الحياة.

غبار حرب ونار، وشهداء وسبايا ومخفخخات، وملثمين يجوبون الشوارع؛ عابثين بالإرض والعرض والمال، زرعوا الأرض ألغام، وأحلوا لأنفسهم ذبح الرجال والنساء والأطفال، ونهب المال وأخذ الأتاوات، وكل شيء مباح في شرعتهم الظلامية، من نفط العراق الى مؤسساته الأهلية والحكومية، ومصادرة مقتنيات المواطن، وفرض القتال على أبناءهم، وإغتنام النساء للبيع؟!

هجّرَ الإرهاب مئات آلاف العوائل، وخلفهم وطن يبكي دماء، وتركوا كد عمرهم وعلاقاتهم الإجتماعية، وأغلبهم خرج بملابسه الإعتيادية، وبعض المتستمسكات، ونزحوا جماعات وأفراد، لا تعرف الأم مصير رضيعها، ولا الأب أين زوجته، وهم يسيرون في طرق، تتناثر فيها جثث مقطوعة الرأس وبلا هويات؟!

حادثة لم تكن الأول من نوعها، ولا الأخيرة في موازين الحشد الشعبي، الذي نذر الأرواح لوطن إستباحه الغرباء، وصارت جوامع العبادة في الأرض المغصوبة؛ كفنادق للدعارة والإسترقاق وصناعة الموت، وبعد إنجلاء غبار كل معركة، لم يجد الحشد؛ إلاّ أرض محروقة، ومنازل وشوارع مفخخة، وسكان سيقوا كالعبيد للمقاتلة مع العصابات الإرهابية، وكان كنز ناظمية حلقة مضيئة؛ تفند الأقاويل والتشكيك؛ بمقاتل يدفع نفسه ضحية لإنقاذ عائلة، ويترك عائلته برعاية الرحمن.

"ناظمية" أمرأة مسنة من ديالى، تركت كغيرها منزلها وأموالها، وليس لديها أمل بأن تعود بها الذاكرة الى الوراء، وترجع للعيش بين ذويها وجورتها، وتشم هواء بلدها وتشرب ماءه وتفترش ترابه، وتجد مقتنيات إكتنزتها للشدائد، في قريتها الزراعية التابعة للمقدادية.

تفاجئت "ناظمية" وأسرتها، عن سبب بحث الحشد العشبي عنها، وقيل أنه يُريد إعطاءها أمانة، وتبين أنه كنز من الحلي الذهبية والأموال، ترتكتها بعد أن أرغمها داعش على مغادرة منزلها، وعثر عليه الحشد وتعرف على صاحبته، التي كانت تخفيه ولا يعلمه أحد غيرها.

إن الحشد الشعبي عراقيون ملتزمون بفتوى المرجعية الدينية؛ لمواجهة داعش، يضحون بأنفسهم كي تنعم كل المكونات العراقية بالأمان، واجهوا الإرهاب والمحاولات الجادة للأساءة لهم، وتضليل الأحداث لأهداف واضحة المعالم، عكست بشاعة أفعال الإرهاب وغاياته، الى تلاحم وطني، نفض التراب عن الخطابات المزيفة، وإنتفض منه أبناء من تلك المناطق؛ لمناصرة الحشد الشعبي، وإعادة كرامة مدنهم.

بكت ناظمية وهي تتسلم كنزها، وعلى الفور وهبته للفقراء والمعوزين من منطقتها، وسارت حافية القدمين؛ لتقبيل جباه أبناء لها لم تلدهم.

أدخلت الحادثة الفرح في قلوب أهالي المنطقة، وسمع بها العراقيون، وعززت الثقة بين أبناء الوطن، وصارت تلك الحادثة نقطة مضيئة يشار لها بالبنان، ولم تعد "ناظمية " تحتاج الى كنز، وقد عادت الى وطنها كنزها الأكبر، وقالت أن الحشد الشعبي، إمثولة للتلاحم الوطني.

 

واثق الجابري

في المثقف اليوم