أقلام حرة

عاهة الزعيم الأوحد!!

عاهة نفسية سلوكية وربما عقلية، عراقية بإمتياز مطلق!!

إذ يتحقق الإنتماء العاطفي، وبطاقات إنفعالية عمياء، للشخص الذي يجلس على كرسي التسلط على الناس، وتنطلق حالة من الحب الوهمي الجنوني، وتحتشد القوى والطاقات الذاتية، لتعزيزه وتبرير الدفاع عنه، والإستهانة بالحياة من أجله.

ظاهرة تتكرر حتى ليصبح الزعيم صورة مرئية على وجه القمر!!

هذه العاهة المروّعة أزرت بالوطن والحياة بحاضرها ومستقبلها، لأنها تحررها من زمانها ومكانها وتربطها بشيئ سرابي، تمنحه توصيفات الديمومة والخلود في دياجير اللاوعي، وبواطن المدارك والتصورات.

ووفقا لآليات برمجتها لما فينا من تفاعلات ذاتية وموضوعية، ومناهج تصورية ورؤيوية، فأن سلوكنا يترجمها بإندفاعية جنونية، وإنعكاسات عاطفية متأججة تتسبب بنتائج مأساوية وقاسية، إنتقلت من التوجه نحو الفرد إلى المجنمع، والإمعان بتفتيته وتمزيق عرى تلاحمه، وإعتصامه بكل ما يشير إليه وينمي قوته وإقتداره.

عاهة الزعيم الأوحد تعمينا، وتدعونا لتعميمها لتشمل آخرين بمسميات وتوصيفات متنوعة، يتحولون في ماكنة أعماقنا إلى زعماء أوحدين، مبجلين منزهين وخارجين عن صنف البشر، ولا بد لهم أن يكتسبوا مميزات إلهية وتعبيرات إعجازية، لنحقق سلوك التبرك بهم والإنقياد الأعمى لما يبدر عنهم، ولا نسمح لعقولنا ومداركنا أن تنظر فيه، لأننا قد حققنا بترا نفسيا لرؤوسنا، وإستبدلناها برؤوسهم، وتماهينا معهم في كل شيئ، إلا العمل الصالح الذي يخدم المصالح الوطنية والإنسانية المشتركة.

فنعيش حالة من الإنقطاع المشين عن واقعنا، وتنحسر رؤيتنا، فنعجز عن مشاهدة مواضع خطواتنا، ومعرفة إتجاهاتها وما سيواجهنا في درب المسير.

وهكذا تجدنا نتخبط في توحّلنا المأساوي، ونساهم بذبح الوطن على مقصلة الزعيم الأوحد، الذي عصمناه من كل إثم وخطيئة، وتوّجناه ليكون القاضي بأمر مصيرنا، فتجرّدنا من المسؤولية، وأدْمنا العجز والتبعية، والإنقياد المرير للآخر الذ يعذبنا ويقهرنا، ونحن المتلذذون المستلطفون لآلامنا المبرّحة التي يتسبب لنا بها، زعيمنا الأوحد العظيم.

والأمثلة كثيرة، فلكل ذي قوة وجبروت، طوابير من الأقلام والحواشي والمتسولين، الذين يسبّحون بإسمه، ويركعون في محراب ظلمه وقهره، ويشهدون له بأنه الأوحد، الذي لا مثيل له في كرسي التجني على القيم والحقوق، وهتك مصير البشر والإمعان بالفساد والطغيان.

فكيف نكون ونفوسنا دوما، تلد فينا الأوحد؟!!

 

د-صادق السامرائي

في المثقف اليوم