أقلام حرة

ارجوا ان اكون مخطئا

emad aliمنذ بروز داعش في هذه المنطقة وارتفع رصيد الكورد كاقوى مانع له ولتمدده، نتيجة لما يتمتع به الكورد وكما كان تاريخيا من البسالة والقوة العسكرية العفوية التي هي من خصلته ومسته البارزة منذ نعومة اظافره وورثها ابا عن جد لعوامل متعددة ليس هنا موضع بحثها. واعترف العالم بما قدمه الكورد من تضحيات ومقاومة شرسة لاعتى قوة وايديولوجيا ظهرت الى العلن من قبل تنظيم وهو يحمل تاريخ اسلافه وافعالهم منذ اكثر من الف واربعمئة عام .

كان دور الكورد مشهودا له كعامل مساعد وليس رئيسي في المعادلات السياسية التي مرت نتيجة الصراعات المتعددة المختلفة بين المحاور التي تتنافس على اثبات الذات والتقدم بدور اكبر لضمان المستقبل لهم بعد طول التنافس وبداية لمرحلة جديدة تظهر في الافق ولكن الدور العسكري فرض نفسه عليه واستغله القوى الكبرى والاقليمية بتفادي خسائر كانوا هم قبل غيرهم يتكبدوها . انهم جميعا برعوا في خداع الكورد على اعتقادهم بانهم الطرف الرئيسي ضمن الدول المتنافسة والقوى الكبرى لحد اليوم في المعادلات السياسية، ولكن اليوم ظهرت ملامح لما تكن وتحمل هذه القوى من الافكار وما يعتمدون عليه في صراعاتهم في المنطقة على اساس المصالح الكبرى وليس التفاصيل الصغيرة التي يقع فيها الكورد دون دراية منهم . على الرغم من حساب البعض من الملمين للكورد وخاصة في كوردستان الجنوبية على انهم عبروا مرحلة متقدمة في قضيتهم لا يمكن رجوعهم الى المربع الاول كما يعتقد المحللون الا ان احتمال العودة ليست صغيرة .

لقد قاومت تركيا كثيرا واستخدمت جميع اوراقها في صراعات المنطقة وبعضها عكس التيار لبقائها هي على صدارتها في قيادتها للمنطقة او تمكنها في اعادة امجادها ان امكن للتغلب على المحور الاخر، واستغلت كل الطرق الملتوية من استغلال داعش والقوى المتخلفة المعادية للانسانية في صراعاتها ومسيرتها السياسية والعسكرية، وبعدما تاثر داخلها نتيجة الانتخبات الاخيرة فيها اعتمدت تغيير الطريقة وتوجهت الى اعادة النظر في تعاملها مع الواقع الموجود بالخنوع لامريكا من اجل اعادة التوازن اليها واستسلمت كليا لامرها وهي الان بصدد التعاون التام ومن دون شروط معها والخضوع لتعليماتها ومطالبها في صراعاتها في المنطقة والعالم وهي تعيد الاوراق بعدما ياست من تحقيق اهدافها الخاصة بعيدة عن امريكا وضرورتها التي تفرض نفسها على حلفائها قبل اعدائها .

و منذ المكالمة القصيرة بين اوباما واردوغان التي اعلنت تركيا وتكلمت عنها وكانها تنفست الصعداء بعد طول عناء وادعت بانها مهمة وناجحة فبينت على السطح مدى التوافق الذي فرض نفسه عليهما والاحتياج المتبادل لبعضهما في امور المنطقة، وكما شاهدنا حدثت حركات مخابراتية هدفها التبرير لعمليات كبرى اتفق عليها الرئيسان وليس القصف التركي على داعش والحزب العمال الكوردستاني الا بداية لتطبيق نتائج تلك الاتفاقية التي حدثت بمكالمة هاتفية نتيجة نضوج عواملها . اليوم ارتفعت نسبة الاحتمال الذي تكلمنا من قبل عنه وهو تهميش الكورد لحد ما في المعادلة الجديدة بعد دخول تركيا الخط بشكل مباشر ومساند لخطط وبرامج امريكا ، فانها دخلت نتيجة العوامل الكبيرة وهي اصبحت من الاطراف الاكثر تاثيرا للوصول الى نهاية اللعبة، وها نرى دخول تركيا الخط ابعد الشك عن انخفاض دور الكورد في ما يحصل، مهما تبجحت امريكا في قول غير ذلك وهي تسير على تكرار دورها القديم الجديد وسياساتها الخبيثة المصلحية التي لا تعرف للعاطفة والاخلاق شيء يُذكر .

و لنا ايضا ان نقول ان المرحلة التي وصل اليها الكورد في كوردستان الجنوبية بشكلها الحالي تمكٌنه ان يكون له تاثير مباشر على عدم افساح المجال للقوى ان تلعب بحرية على حساب مصالحه، وليس اليوم بالامس بشكل مطلق ولا يمكن تنفيذ ما ياملون بسهولة، بشرط التعاون واتحاد الداخل الكوردي وبحث القضايا بعقلانية بعيدا عن المصلحية الحزبية الشخصية الضيقة التي لا نرى الجانب الايجابي لهذه المرحلة ولو نسبة قليلة منه حتى اليوم . وعليه، لنا الحق ان نكون متشائمين في توقعنا فيما نصل اليه وما يحصل لنا مستقبلا ان كنا بهذه الحال، وارجوا ان اكون مخطئا فيما اذهب اليه لمستقبل الكورد في المنطقة ودوره في المعادلات وما يمكن تهميشه في نهاية الامر، واتمنى ان لا يخرج من المولد بدون حمص ويضيع الجهد ودماء التي سالت كما هو العادة في تاريخه، لخير غير امة متنفذة في المنطقة .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم