أقلام حرة

لكلّ حلٍّ معضلة؟!!

مجتمعاتنا العربية تطغى عليها نمطية سلوكية فاعلة متكررة دوّارة كالدوّامة المقفلة الدائبة، خلاصتها، أن لكل حلٍّ معضلة، ولكل سؤالٍ أسئلة.

فلا حلول ولا أجوبة!!

أسئلتنا تنفر من الأجوبة وتجنح للأسئلة، ومشاكلنا تأبى الحلول وتستلظف التحول إلى معضلة، وهذا ليس بسببها، وإنما بسبب مواقفنا وآليات تفكيرنا وصناديقنا العاطفية، وظلماتنا النفسية التي نعمه فيها مع توافد الأجيال، وما نهض منا القادر الشجاع المنادي بضرورة التفاعل مع الحياة بمفرداتها الناهضة في ربوع أيامنا.

مجتمعاتنا عُقِرت لأجيالٍ، وعجزت عن ولادة الإنسان المُلهم والمُحفز لجوهر طاقاتها، والماهر في قيادة دفة مسيرتها الحضارية، في عصر تفتحت فيه المجتمعات وأثمرت أغصانها، وتنامت مروجها، وعمّ فيها الرخاء والتقدم والرقاء.

مجتمعات بدأت بعد مجتمعاتنا بعقودٍ عديدة فسبقتنا بعقودٍ عديدة، والعيب ليس في الإنسان العربي، وإنما بالأنظمة التي عجّزته وأقعدته وحوّلته إلى شيئ تقبض عليه، وتقرر مصيره وفقا لمصالحها الشخصية والحزبية والفئوية والعائلية والطائفية، وغيرها من أساليب السجن والإنصفاد والضياع.

فإنساننا لا يختلف عن أبناء الدنيا التي تقدمت وتطورت، إلا بأنه يخضع للقهر والحرمان والمنع من النظر فيما يراه الحاكم المنان، الذي جرّده من المسؤولية وجعله يعتمد عليه في كل شيئ، فأوقعه في أسر الحاجات، وخنقه بقائمة الممنوعات والموضوعات، التي تؤسس لمتواليات الضياع والخسران والهوان.

فأصبح الإنسان لا يفكر بالحلول، لأن الأنظمة السياسية تستثمر بالمشاكل وتعضّلها، وتتخذها وسيلة أساسية للحكم والتحكم بالناس، فعلى سبيل المثال، ما تمكن نظام عربي من حل أزمة السكن، وإنما يتفاعل معها بإصدار القوانين والضوابط التي تعقدها، وتزيد من معاناة المواطن.

وكذلك ما تمكن نظام سياسي عربي من حل مشكلة النقل، والماء والكهرباء، لأن حلولها تتعارض مع مصالحه السلطوية ، وتعضيلها يحققها، وهل وجدتم دولة عربية واحدة قادرة على إطعام نفسها، وتهتم بأراضيها الزراعية ولديها مشاريع إروائية وزراعية ذات إنتاجية وطنية تحقق الأمن الغذائي؟!!

ولكي نساوي الدول الأخرى، يجب أن نغيّر ما فينا وما حولنا، كآليات تفكيرنا العقيمة، ونفوسنا العليلة، وعاهتنا السلوكية المريرة، فعلينا أن نتعلم المسؤولية والجد والإجتهاد والإيمان بالنفس والقدرات الذاتية، والعمل الجاد لبناء دولنا من القرية إلى أكبر مدينة فيها، وأن نتعلم حب الجمال العمراني والبيئي، للوصول إلى بناء المشتركات الوطنية الصارمة، التي لا يمكن لأي مواطن أن يتخطاها أو يستهين بها، ومن الواجب أن يكون الفساد خيانة سلوكية يعاقب عليها القانون والمجتمع بصرامة وثبات.

فهل نؤمن بالعمل ونسعى للإنجاز المتميز والمُتقَن في جميع ما نقوم به ونسعى إليه؟!!

 

د-صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم