أقلام حرة

القبّانچي معمّم يزن دون قبّان

في شباط 2011 أصاب الأحزاب الأسلامية ومن خلفها العديد من رجال الدين الرعب من التظاهرات التي اندلعت حينها مطالبة بتحسين الاوضاع الخدمية وأصلاح النظام السياسي، ما دفعهم لأتهام المتظاهرين بمختلف التُهَم ومنها أن البعثيين وراء تلك المظاهرات. الأ إن المالكي حينها وعلى الرغم من قمعه للتظاهرات بالقوة خرج علينا بخطّة أصلاحية لتوفير الخدمات أمدها 100 يوم، ثم جدد المدة من جديد وليضعها وحزبه وحلفاءه في التحالف الشيعي في ثلاجة موتى بالمنطقة الخضراء التي تتوفر فيها الكهرباء بإستمرار كي لاتعود للحياة من جديد.

واليوم والتظاهرات تتجدد للمطالبة بنفس مطالب التظاهرات السابقة تقريبا وبعد أن وصل مستوى الخدمات الى مستويات متدنية جدا أو معدومة، خرجت علينا كتل وأحزاب سياسية شيعية والعديد من رجال الدين الشيعة مطالبين الناس بعدم التظاهر لأن داعش هذه المرّة أضيف الى البعث ليستغلا التظاهرات كي يندسوا فيها ويسقطوا العملية السياسية. ومن رجال الدين هؤلاء إمام جمعة مدينة النجف الأشرف "صدر الدين القبّانچي" الذي يزن أحداث البلد دون أي قبّان على الرغم من واجبه الديني حيث إنه رجل دين عليه وزن الامور السياسية والتعامل معها بما يخدم جماهير الشعب وليس النخب الحزبية وطبقة رجال الدين التي هو منها والتي هتفت الجماهير لهما اليوم "حرامية حرامية "، وواجبه المهني بإعتباره " قبّانچي" عليه أن يزن الأمور بعدالة وفق الآية القرآنية التي تقول " فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ ﴿٨٥ الأعراف﴾".

في خطبته الجمعة 7/8/2015 وبدلا من أن يتقي ربه بالفقراء والارامل والأيتام ممن سرقت وأهدرت أموال بلدهم المقدرة بترليون دولار من قبل الاحزاب الدينية الشيعية وطبقة رجال الدين وباقي أحزاب المحاصصة الطائفية، ويدعوهم الى التظاهر حتّى تحقيق مطالبهم للعيش بآدمية كما باقي البشر. نراه يكشف عن وجهه القبيح كما غيره من مسؤولي الاحزاب والميليشيات الدينية مطالبا الجماهير بعدم التظاهر لورود تقارير اليه " ما هو مركزه الأمني؟" تشير الى إحتمال أندساس داعش بينهم " لخلق ضجّة ومشكلات"وهذا يعني من وجهة نظر " القبّانچي" هذا أن تكف الجماهير عن التظاهر لتحقيق مطالبها المشروعة من الآن حتّى أمرا يراه الله مفعولا، ولتستمر المعاناة سنوات أخرى، وإن قال هذا " القبّانچي" إن حكومة المحاصصة ستعمل على حل ملف الأزمات الكبير والعديدة بعد ترك المتظاهرين للشارع، فأن "سيدنا" هذا لايعدو كونه كذابا ومنافقا. كذّاب لأنه يعرف جيدا عدم جدية وإستطاعة الحكومة على حل أي ملف خدمي وعلى الأخص منها الكهرباء لمحاصصتها وتوزيعها للوزرات على اساس النقاط والحصص، ومنافق كونه لم يسأل المالكي بعد أربع سنوات من التظاهرات السابقة ولا التحالف "الوطني" الشيعي حول ما إذا أنتهت فترة المئة يوم التي حددها التحالف الشيعي لمعالجة الملفات الخدمية العالقة.

لنعد الآن الى هذيان هذا " القبّانچي" في خطبته أمس والتي أعجبني فيها قوله إن " الشعب العراقي سوف لن يشارك في هذه التظاهرات لأنه أكثر وعيا وامتثالا لعلماء الدين والمرجعية" سائلا إياه عن الجماهير التي تظاهرت في مدن وبلدات العراق المختلفة ومنها " مدينته" النجف الأشرف، وهل الجماهير عندما تتظاهر وتنتفض مطالبة بحقوقها تكون فاقدة للوعي؟ إن كان كذلك فإن هذا " القبانجي" يتهم جميع العراقيين المشاركين بأتفاضة شعبنا الآذارية من اجل حقوقهم التي أغتصبها البعث منهم بقلّة الوعي، وهذه التهمة كان البعث قد أطلقها على المنتفضين حينها، والسؤال هنا هو هل " القبانجي" بعثي!! يبدو ذلك كون البثيين كانوا يعتبرون أية حركة إحتجاج ولو كانت صغير فإنها موجهه ضدهم ونظامهم. وهذا بالضبط هو ما جاء به " القبانجي" في خطبته بالأمس عندما قال " المرجعية ومنابر الجمعة لم تترك نقد الحكومة في التقصير بتقديم الخدمات، لكن اليوم نرى في التظاهرات شعارات ضد الدين والعلماء وهذا يعني أن الهدف وراءها ليس إصلاحيا وإنما العودة إلى الحكم اللاديني". وهنا ايضا يقوم هذا " القبانجي" بالكذب كوننا لم نرى أي هتاف ضد الدين من المتظاهرين، نعم أننا رأينا شعارات وسمعنا هتافات ضد "رجال دين" وطرد بعضهم من كعبات التظاهر والسبب هو إن "رجال الدين هؤلاء يمارسون العمل السياسي حالهم حال اي سياسي آخر ، وعادة ما يتم نقد السياسي وشتمه أحيانا إن أخطأ او سرق أو قتل، فهل رجال الدين من الذين أحترفوا السياسة واساءوا للعمامة التي على رؤوسهم أولياء وإن سرقوا وإن قتلوا وإن أخطأوا!! وهل يريد هذا " القبانجي" أن يبني نظاما ثيوقراطيا على مبدأ ولاية الفقيه عندما يقول بنفس الخطبة " أن الهدف وراءها – التظاهرات- ليس إصلاحيا وإنما العودة إلى الحكم اللاديني" ، بالله عليك يا رجل هل تستطيع ان تخبرنا عن الفوائد التي جنيناها من حكمكم الديني؟ ستقول انكم بنيتم مجتمعا اسلاميا على أنقاض البعث! فهل الرشوة والمحسوبية والسرقة والفساد الاداري والمالي ونهب ثروات البلد وخيانته من الاخلاق الاسلامية؟؟؟

ولكي يعلن عداءه للعلم والتكنولوجيا كما المالكي الذي قال يوما إن الكومبيوتر ليس سوى "مكب نفايات" نرى هذا " القبّانچي" يتهم "الفيسبوكيون" بقيادة التظاهرات أو التحضير لها، في رسالة لئيمة دارت إشاعات حولها خلال الأيام الماضية وهي محولة بعذ القوى الدينية من غلق أو فلترة "الفيسبوك".

 

لقد جاء في المعجم حول معنى كلمة قبّان:

القَبَّانُ : الميزان ذو الذراع الطويلة المقسَّمة أقسامًا ، يُنقَلُ عليها جِسمٌ ثقيل يسمَّى الرُّمَّانة ، لتعيِّنَ وَزْنَ ما يوزن

القَبَّانُ : الحفيظ الأمين

فلانٌ قبَّانٌ على فلان : أَمينٌ عليه يحاسبه ويتَّبع أمره

فهل أنت اليوم أيها " القبّانچي" حفيظ أمين على مستقبل شعب العراق الذي نهبت وتحالفكم الشيعي مئات المليارات من خزائنه؟ وهل أنت أمين أمام شعب العراق وتبدأ في خطب الجمع القادمة بمحاسبة ساسة ورجال دين تعرفهم جيدا جدا وتعرف كم نهبوا من ثروات الفقراء والأيتام والأرامل خصوصا وإن إمامهم "علي بن أبي طالب" على مقربة من مسجدك؟

أن يوزن المرء بضاعة دون ميزان أو قبّان مع قدرته على الوزن بهما فهو حرامي.

 

زكي رضا

الدنمارك

8/8/2015

 

في المثقف اليوم