أقلام حرة

الحاجة الى تفكيك التحالف الوطني والبرلمان

husan alshoayliأنّ مركز الوطن بكل أبعاده، العملية السياسية. وبناء على هذا فأنّ العملية السياسية بكاملها تقع تحت هذا المعيار وتقاس وفق نشاطها وجدّيتها في عملها السياسي،

الاّ أنّ هذه المكانة المهمة للهيئة السياسية بصفتها - مركز التفكير والسيطرة في الدولة، أصابه التشويه والتشويش من جراء مقدمات غاية في الأهمية، كان لها بالغ الأثر في تحوّل الحكومة من هيئة سياسية مرتبطة بالوطن،، الى مصدر لمتاعب المواطن وتهشيم لعظام الوطن .

وما التظاهرات المنتشرة الآن الاّ نتاجاً حتمياً للفشل المروع الذي أحاق بالحكومة والبرلمان .

الطريقة العقيمة الغير منتجة التي تمّ من خلالها شكيل الحكومة وأختيار أعظائها هي جمع المتناقضات _ ماذا نتوقع من تجمع الأضداد في مكان واحد سوى الفوضى؟

كانت الأحزاب والشخصيات المكوّنة للعملية السياسية العليا في البلاد، رغم نزاهة بعضها وشرفها الوطني - الاّ أنها كانت على عداء مستمر دون أنقطاع مع الآخرين، وتنافس على الأستحواذ على أكبر مساحة جماهيرية في البلد _ عندما كانت تعمل من خارج حدوده (المعارضة العراقية)

وأنتقل هذا الصراع النفوذي الى العملية السياسية بعد أشتراك الكل في أتخاذ القرار السياسي وتشكيلهم للتحالف الوطني - يمكن أن تتخيل حجم العراقيل التي توضع من قبل الشركاء أمام من يقدم مشروعاً فقط لأنه يعد خصم سياسي قديم؟

ويبدو جلياً هذا التنافس في النفوذ وأستمالة الأفراد والهيئات المدنية من خلال حقيقة واضحة يعرفها الجميع _ بعد تسنم المحافظ منصبه تتحوّل المحافظة من الولاء الوطني الى الولاء الحزبي أو يريد منها ذالك . كما في البصرة الآن ومحاولات ألحاقها بالمجلس الأعلى . المعارضة العراقية آنذاك التي كانت تتخذ من أيران وسوريا ولندن مقرات لها - جعلت من مدن العراق مقرات ومراكز نفوذ بعد الفراغ من عهد المعارضة والتفرغ للعمل السياسي . يقال أن النتيجة تتبع أبخس المقدمات، لكن الهيئة السياسية بدّلت هذا العرف فكانت مقدماتها أنبل وأشرف من نتائجها . فنتائجها مكتوبة على يافطات المتظاهرين !

ثمّة أسباب أوصلت العراق الى ماعليه اليوم من تهديدات وجودية خطيرة، ومن تلك التداعيات - الأرهاب الذي يسيطر على الأراضي الغربية - الأنفس البريئة التي تزهق كل يوم بفعل الأرهاب، وفقدان المهنية الحقيقية في المستشفيات والعيادات الطبية - أرهاب حوادث الطرقات لعدم توفر طرق صالحة وشروط مؤسساتية لقيادات المركبات . الهجرة الغزيرة للأفراد والعائلات من العراق الى الخارج، الأمراض النفسية التي بدأت تنتشر، وأشياء قيمية أخرى كالفساد وتعاطي المخدرات . كل هذه التداعيات الخطيرة هي أشبة بالأقتراب من الأنهيار التام .

والسبب واحد تفرع الى أسباب، والسبب هو حكومة الأضداد العقيمة، التي لاتنتمي الى الوطن بقدر أستحقاقات الحزب والفئة . حيث جاءت المعارضة العراقية على أختلاف مشاربها ومنطلقاتها الفكرية، وتنوّع رؤاها وقراءتها للأحداث .

وفي داخل كل مكوّن توجد متناقضات حزبيىة وأرادات مختلفة وتنافس على النفوذ (ولنأخذ أحزاب وكتل التحالف الوطني كأكبر كتلة سياسية) - فالمجلسي ينظر الى الدعوتي على أنه خصم مبدئي وغريم سياسي ومنافس، فعمل بنشاط كبير على أفشال كل مشروع جاءت به حكومة المالكي - حتى وصل الحال الى رفض قيادات المجلس حكومة المالكي وأعتبارها حكومة غير شرعية . ورفض المجلس الأعلى هذ والذي جاء على لسان كبار قادته أعطى مسوغ كبير للخروج على الحكومة والتمرد عليها وأضعافها وسرقة مخصصات مؤسساتها المالية، في وقت كان الأعداء يتحينون الفرص للأنقضاض عليها وأسقاطها .

ومعروف أنّ المحرض والمعرقل هو المسؤول عن كل فشل وتلكأ .

وفي النهاية - المالكي خارج العملية السياسية ولانشك بلحوق المجلس في مرحلة قادمة ليكون هو الآخر خارج العملية السياسية - لكثرة المعترضين على الأسلاميين وطريقة أدائهم السياسي .

فلو كانت قيادات المجلس راعت الجانب الأخلاقي في تعاملها مع حكومة المالكي وتركت الخصومة القديمة والضمائم الحزبية، لكان الآن المتظاهرون يهتفون ضد داعش والقوى الكردية المختلسة للأرض وللثروة الوطنية بدلاً من سخطهم المتصاعد ضد الأحزاب الأسلامية الشيعية .

الحل بكل أختصار ووضوح يكون في حكومة أعضائها لاينتمون الاّ لعملهم السياسي وأمّا الحزبي - في عطلهم وأوقاتهم الخاصة ! وأن تكون حكومة تتحرك في العقلانية ولاتتحرك في الوجدانية الحزبية أو المذهبية أو المناطقية، فهي مركز الوطن بكل أبعاده وعلى كفاءتها وعملها تتوقف كل عناصر القوة والضعف الوطني .

فأخراج الهيئة السياسية من الشخصية الحزبية والفئوية الى العنوان الوطني العام ينهي حالة الأنفصام بين المواطنين ونظامهم السياسي . وحين يكون الشعب محب ومعاضد لحكومته ينهي جميع مشاكله ويبدأ بالأقتراب من الدول المستقرة سياسياً وأجتماعياً .

ولايتم هذا الا بتفكيك مايسمى بالتحالف الوطني - والبرلمان وأقامة نظاماً رئاسياً - يتبنى الجدارة كشرط رئيسي للعمل السياسي . وطرد كل فكرة لاتؤمن بهذا الشرط وأبعاد رؤوساء الأحزاب (أصحاب الأنسحابات الوزارية والبرلمانية المستمرة) وجعل نفوذهم محصور داخل أحزابهم ومقراتهم الحزبية .

 

حسين الشويلي

في المثقف اليوم