أقلام حرة

ماذا يريد الشعب المتظاهر الغاضب

لا شك ان شعبنا اثبت انه واعيا ومتحضرا وانه لا يريد الا تطبيق القانون والالتزام بارادة الشعب والدستور نعم هناك بعض المحاولات تستهدف تعكير المسيرة ركوب الموجة لغايات اخرى من جهات معادية للعراق ولتطلعات الشعب العراقي في بناء العراق الديمقراطي التعددي الحر المستقل الا ان هذه المحاولات انكشفت وعزلت وتلاشت ولم تؤثر على مسيرة التظاهرات ولا على اهدافها حتى ولا على رقيها وتحضرها

سمعنا اصوات تطالب بالغاء الدستور وتحمل الدستور تبعات ما حدث في العراق من فساد وارهاب وسوء خدمات واعتقد ان هذه الاصوات اما جاهلة ساذجة او حاقدة معادية

فالدستور هو الركيزة الاساسية التي استند عليها العراق بعد التغيير ولولا الدستور لدخل العراق في حالة من الفوضى وتحول الى دويلات وعشائر بعضها تغزو بعض وبعضها تنهب وتقتل بعض

لا يمكننا ان نقول ان الدستور الذي انشأ بعد التغيير دستور كامل مكمل طبعا هناك بعض النواقص وهناك بعض السلبيات وهذا امر طبيعي حدث ويحدث في كل البلدان التي تحولت من حكم الفرد الواحد حكم اللا دستور الى حكم الشعب حكم الدستور وبما ان الحياة تتغير وتتجدد وتتطور من الطبيعي ان الدستور يتطور ويتغير ويتجدد ولكن وفق الدستور ايضا وليس وفق اللادستور

فالذي يريد من العراقيين الذين عاشوا كل حياتهم عبيد اقنان وفق قيم واعراف العبودية والعشائرية البدوية بعد التغيير في 2003 ان يؤسسوا ويقيموا دستور كدستور دول مثل السويد النرويج سويسرا فهذا هو المستحيل بل مثل هذا الطلب يمكن ان نعتبره دعوة الى الغاء الدستور والعودة الى حكم اللآ دستور

مع ذلك فالدستور العراقي راقيا ومتحضرا ولو التزمنا بمضمونه وتمسكنا به ولو احترمناه وقدسناه كما نقدس اي مقدس آخر بل اني اراه من اقدس المقدسات للانسان العراقي لانه يمثل ارادة الشعب فاحترامه احترام للشعب والوطن وعدم احترامه عدم احترام الشعب والوطن بل وجوده هو وجود للشعب والوطن وعدم وجوده يعني عدم وجود للشعب والوطن لحققنا انجازات كبيرة ومهمة لوطننا وشعبنا

 

في العراق هناك دستور راقيا ومتحضرا من ارقى دساتير المنطقة واكثرها احتراما للانسان في المنطقة قد يصل الى مستوى الدول الراقية المتحضرة ونشأت من هذا الدستور مؤسسات دستورية راقية وعلى رأسها البرلمان المختار من قبل الشعب بارادة حرة وهذا البرلمان هو الذي يشكل الحكومة وهو الذي يقيلها اذا عجزت ويحاسبها اذا قصرت اضافة الى منظمات المجتمع المدني وحرية الرأي والصحافة الى درجة الفوضى

السؤال لماذا فشلت واخفقت المؤسسات الدستورية في انجاز مهمتها لماذا ساد الفساد والارهاب وسوء الخدمات

اعتقد الجواب واضح كل الوضوح فالسبب يعود الى الانسان العراقي المنتمي الى هذه المؤسسات الدستورية انه غير مهيأ لا فكريا ولا اخلاقيا ولا عقليا فالانسان فالشخص الذي تتحكم به القيم والعادات البدوية والعشائرية فمثل هذا الشخص اناني مفرط بالانانية الى درجة الوحشسية لا يعترف بالاخر ولا بفكره ولا بمعتقده لهذا يجعل من اي شي تحت سيطرته هو ملك له ولافراد عشيرته فهؤلاء وباء مدمر ومصادر افساد للمؤسسات الدولة وللشعب والوطن

فالديمقراطية لها اخلاقها وقيمها ومستواها الحضاري الراقي للاسف اننا استخدمنا قيم واخلاق العبودية ومستواها المتوحش البدوي في المؤسسات الدستورية والقانونية فكانت النتيجة اكثر ظلما واكثر ظلاما واكثر وحشية من نظام العبودية

المعروف ان الشعب اختار اعضاء البرلمان وان عضو البرلمان هدفه خدمة الشعب لا خدمة نفسه وانه عندما رشح نفسه كان قد وضع خطة مسبقة وبرنامج خاص ويعلنها للشعب باني جئت من اجل تنفيذ هذه الخطة وهذا البرنامج ويضع كل جهده وكل قدرته ويتجاهل مصالحه الخاصة ومصالح عائلته في سبيل مصلحة الشعب وتطبيق وتنفيذ هذه الخطة

والمعروف ايضا ان البرلمان هو الذي يشكل الحكومة وهو الذي يراقب عملها وهو الذي يقيلها اذا عجزت عن اداء مهمتها وهو الذي يحاسبها اذا قصرت وهذا يعني ان البرلمان مسئول عن فساد الحكومة ومسئول عن كل ماحدث من فساد ومن موبقات ومن سوء خدمات

فكل ما حدث ويحدث في العراق من فساد وعنف وارهاب في العراق لم يشغل بال اي عضو من اعضاء البرلمان ولا حتى اي عضو من المؤسسات الدستورية والقانونية الكثيرة والمختلفة لم نسمع او نشاهد ان البرلمان او مؤسساته احال مسئول واحد الى القضاء وحكم عليه بعقوبة او اقال حكومة عاقب حكومة بل كان عضو البرلمان مساهم فعال في نشر الفساد وسوء الخدمات ودعم الفاسدين من خلال المشاركة مع عناصر السلطة التنفيذية في المقاولات والمشاريع الوهمية وغسل العملة وتهريبها والتغطية على الفساد والفاسدين وتشجيع الطائفية والقيم العشائرية حتى اصبح اعضاء النواب يهدد بعضهم البعض بالعشيرة وشيخ العشيرة وتخلوا عن الدستور وعادوا الى الاعراف وقيم العشائر وشيوخها واصبح عضو البرلمان خاضا لشيخ عشيرته ويعمل وفق اوامره وضرب الدستور والقانون عرض الحائط بل داسه بحذائه

ماذا يريد الشعب من هذه المظاهرات والاحتجاجات يريد مايلي

اولا احترام الدستور والالتزام بالدستور والتمسك به وعدم التجاوز عليه لاي سبب من الاسباب واذا كنا نريد ان نغير ان نبدل ان نلغي القديم ونأتي بشي جديد في الدستور هذا امر طبيعي وجيد بشرط ان يكون وفق الدستور

ثانيا الغاء حكومة المحاصصة الشراكة المشاركة وعدم الدعوة اليها ومهما كانت الظروف نريد حكومة الاغلبية السياسية الاكثرية تحكم والاقلية تعارض واي حكومة ليس لها معارضة دستورية برلمانية حكومة فاشلة وفاسدة

ثالثا الغاء حمايات اعضاء البرلمان وامتيازاتهم ومكاسبهم ومنح كل عضو راتب قدره مليون دينار فقط وعدم منحهم اي راتب تقاعدي بعد انتهاء مدتهم وهذا يسري عل كل اعضاء البرلمان الحالين والسابقين واذا كان هناك رفض وعدم قبول يحل البرلمان وتجري انتخابات جديدة في كل العراق

رابعا تقسيم العراق الى 328 دائرة انتخابية كل دائرة يمثلها نائب واحد ومن يحصل على اكبر عدد من الاصوات هو الفائز وبهذا يصبح النائب المنتخب حرا غير خاضع لرئيس الكتلة خاضع لضميره وقناعته الذاتية وبهذا نخلق برلمان قوي خاضع لارادة الشعب قادر على مواجهة اي فاسد ومعاقبته وخلق مؤسسات دستورية وقانونية نزيهة مهنية مخلصة متمسكة بالقانون وبارادة الشعب لا تأخذها في الله في الحق في تطبيق القانون لومة لائم لا تجامل احد ولا تخاف من احد

 

مهدي المولى

في المثقف اليوم