أقلام حرة

يوميات كاتب: جبل منطقة المعامل ومستنقع المنطقة الخضراء

asad abdulahكان مأتما كبيرا، وسط شارع في منطقة المعامل، لأحد شهداء الحشد الشعبي، شاب في بداية عامه العشرون، ترك ملذات الحياة، والتي تكون اكبر بريقا بعين الشباب، وذهب ليقاتل الأعداء، متسلحا بعقيدة الدفاع عن الوطن والأعراض، جلست بجانب أصدقائه، وسألتهم عن الشهيد، فتحدثوا عن تحوله الكبير، فما أن أصبح مقاتلا في الحشد الشعبي، حتى أصبح تفكيره كرجل كبير، وليس مجرد شاب مراهق، وكيف كان ينصحهم، بأهمية أن يكون للإنسان قضية، يدافع عنها، لا أن يعيش تافهاً.

صورة مشرقة لشبابنا المجاهد، الذي لا تكبله إغراءات الدنيا، بل يضحي بكل شيء، في سبيل قضية الوطن.

بالمقابل توجد صورة قبيحة جدا، عن الطبقة المتخمة، بفعل امتصاص الخزينة العراقية، فهؤلاء يعيشون في عالم ثاني، بعيد عن العراق وهمومه.

تحدثت طويلا مع أصدقاء، في مجلس فاتحة الشهيد، فقال احدهم: (لم نسمع للان أن ابن وزير ما يقاتل مع الحشد، أو ابن رئيس البرلمان يقوم بحملات دعم للحشد مثلا، وهكذا يتبعهم المستشارين والوكلاء والمدراء، والطبقة السياسية المتخمة)، نعم أن هؤلاء يرون الجهاد واجب فقط على الفقراء، وهو سقط عنهم! لأسباب لا يعلمها، ألا خبير بأمور الساسة والمتخمين، وأبنائهم يسرحون ويمرحون في العالم الغربي، متسلحين بالمال العراقي المنهوب، تحت عناوين أسسها لهم البرلمان.

نشم رائحة النتانة، من مشهد النخبة الحاكمة، فأبناء الوزراء والمدراء والبرلمانيين، يسبحون ببحر من المجنون والجنون، سقطت عنهم الواجبات، لأنهم أبناء السادة المبجلون، وكل قضيتهم التسكع في كازينوهات العالم، وملاحقة فتيات الدعارة، والتنافس في تجريب الهيروين والمخدرات، والسعي الحثيث لإدخالها للبلد، لتعم الفائدة! أن تواجدوا في العراق، كانوا حملا ثقيلا، بسبب تصرفاتهم الرعونية، وان سافروا اضحكوا الدنيا علينا، نفايات بشرية أوجدها النظام الفاسد.

رجال من نوع أخر هؤلاء، اهتماماتهم تافه جدا، بدا من الأحذية الحديثة، وماركاتها العالمية، وطلب استيرادها، إلى بدلات السهر، وعلب الماكياج، والبحث عن وشم جديد، اسمع عنهم، فأتذكر كلمات حنا مينة، في رواية الثلج يأتي من النافذة، حيث يصف بعض التافهين: (رجال يحقد بعضهم على بعض، نصفهم لا يكلم النصف الأخر، الرجال من هذا النمط، مثل نساء الصالونات، ولكي ينجح المرء بينهم، عليه أن يكون ذو خبرة واسعة بالنساء).

هنا يتضح الفارق، بين رجولة وشموخ شباب المناطق والفقيرة، ومستنقع القبائح، وصحراء القيم، لأبناء النخبة الحاكمة، كالفارق بين الجبل والمستنقع الضحل.

قراءة التاريخ تخبرنا، أن التافهين دوما إلى زوال، والبقاء للإنسان صاحب القضية، لذا سننتظر صباحات مشرقة، من دون هذه الوجوه العفنة، والتي سيطرت على المشهد العراقي، طيلة 12 عام، عسى أن يكون قريبا.

 

بقلم اسعد عبد الله عبد علي

 

في المثقف اليوم