أقلام حرة

الى جزر اليونان وشواطئها غادرنا الأحبة وبقيت صيحاتهم تنتظر صرخة فجر قادم

akeel alabodترك خلفه اثار بقعة من الارض، بقيت تحتويها ذاكرة وطن مسلوب.

في صبيحة يوم مفعم بالبكاء، قرر صاحبي ان يغادر اخر ما تبقى له من حقائب، ليحمل في روحه بصمات ليل اغتصب جرحه القديم.

لقد تآكلت اخر حبة قمح زرعها ذات يوم في داره بفعل أسراب ذلك النمط من الطيور؛ هو أخطبوط الهجرة هذا الذي تامر بموجبه طغاة العصر الجديد، لتباع الأوطان وتسلب كراماتها.

هنا ذات يوم من ايام ليل بغيض، هاجر الفقراء بيوتات محبتهم، ليرحلوا بعيدا صوب جزر لا علاقة لها بحقوق إنسانيتهم.

اليونان كما سواحل اندونيسيا، فضاءات تتعقبها شرائط موت لا يرحم.

لذلك بقي هكذا كما أصحابه الذين تركهم سراق الحياة على أعقاب أنفاس، رفعت أياديها الى السماء طلبا للنجدة.

موظفو الهجرة في دول العالم اجمع لا يهمهم من أوجاع واستغاثات الضحايا، الا بقدر ما يتعلق بحماية جغرافيا الارض وجدران تلك الحواجز التي تفصل بين بقاع هذا العالم الفسيح.

المراة تلك على مضض تنتظر خفر السواحل، العطش كما الجوع والخوف وفقدان الأهل والمال والوطن.

الكرامة هي الاخرى تبحث عن ملجأ تختبئ خلفه حفاظا على هويتها القديمة، بينما خلف أسوار اوجاعهم، القاتل نفسه ذلك الصبي الذي تراه يتحدث عن جرح الزهراء ومعركة ألطف، مختبئا خلف دموع الحاضرين وبكاءاتهم، نفسه ذلك الذي يحمل بين أصابعه مسبحة الله، وولاية أهل البيت، هو ذلك الذي تراه كل يوم على شاشة التلفاز متربعا، ظلما وكذبا على كرسي العرش، مرتديا عمامة الكذب المقنع بحكايات السلاطين.

المائدة التي يحتويها هؤلاء المترفين، هي نفسها هذه التي رفعت رايات استقباحها، تضامنا مع أولئك الذين ما زالوا ينتظرون اليوم قصة هجرة جديدة.

الهوية القديمة، كما الوطن، تم تمزيقها بفعل فاعل اراد ان يمارس لعبته الدنيئة.

لذلك بقي المتظاهرون كما صراخاتهم تعلو وسط ساحة التحرير، تقصد إسقاط اغظية العهر المقنع بعمائم هؤلاء الذين استباحوا لأنفسهم اغتيال الحياة.

لقد غادرنا الكثير أملا باستعادة أنفاسهم، تلك التي سرقت هي الاخرى بفعل من سرق أنفاس الارض وَالنَّخْل والماء والهواء.

 

عقيل العبود

 

في المثقف اليوم