أقلام حرة

الهجرة وتقارب الأسباب العربية العراقية

watheq aljabiriلم يُدقق معظم العراقيين كثيراً، في صورة الطفل الذي ألقيَ على شاطيء البحر، وضنوا أن إيلان السوري واحد من أطفال العراق، وعندهم ألف تجربة إيلان، وهذه جزء من مآسيم التي تعددت الأسباب والنتيجة واحدة؟!

تراجعت بعض الأصوات بعد معرفتهم جنسية الطفل، ولم يتعبوا أنفسهم بالبحث عن قصص أكثر بشاعة وغرابة؛ بدءً من الإرهاب وإنتهاءً بالغرق في البحر؟!

ما الذي دعا الأباء على إصطحاب عوائلهم، ولماذا يُقدم شباب آخرون على فداء أنفسهم للوطن، ومن جيلهم من غامر بحياته وتحمل الأخطار هربا من العراق؟! ولماذا أغلب المهاجرين من سوريا والعراق وليبيا، ومن عقود كانت لبنان واليمن وبعض دول المغرب العربي والعراق وسوريا، والأفارقة؟!

نفس السؤال كان من المفترض أن يُطرح في ثمانيات القرن الماضي، ويُفسر العالم هجرة ملايين العراقيين من بطش الدكتاتورية، ولا أحد يُعين العراقيين على التخلص من التشريد والزنازين والمقابر الجماعية؛ وصولاً الى الديموقراطية، التي حملت في هواءها نيران الإنفجارات ومشاهد الذبح، وسيادة الفاسدين؟! في الأول نظام عزل شعبه عن العالم، والثاني سرق الشعب بأسم قضيتهم؛ مع إزدواجية عالم يتباكى على المهاجرين، ولا يُبالي منذ عقود للجرائم بحق هذا الشعب؟!

ماذا لو كان المقبور يسمع صوت شعبه، ولا يُدخل في أفعال عبثية من حروب وزنازين ومخابرات، ولماذا لم ينصاع الى صوت العقل ويتنازل بسلام، ويكتفي بالأموال التي جناها طيلة 35 عام؟! ويترك لشعبه عيش الحرية والسلام؟! ونفس المثال ينطبق على الأسد والقذافي وساسة العراق المتمسكين بالكراسي؛ لو إنهم تنازلوا مثل مبارك وزين العابدين بين علي، اللذان حافظا رغم دكتاتوريتهم على بقية المؤسسات، ولم يدخل الإرهاب الى بلدانهم مثل العراق وسوريا وليبيا، وما خلفه التمسك بالكرسي من ويلات وحروب طائفية وقبائلية وموجات تهجير وإغتصاب؟!

إن الشباب العراقي كانوا مثالاً للتضحية من أجل الوطن، وقدموا على أكفهم دماء زاكية للمحافظة على ترابه، وخرجوا بأصواتهم متحدين الإرهاب ليكتبوا دستور ويختاروا ساسة ضنوا حسناً بهم، ولكنهم وجدوهم أعداء من رحم معناتهم، يعتمدون سياسة المكون ويتركون بناء المواطنة، وإستغلوا التمسك بالعقائد والطوائف للتلاعب بالعواطف، حتى إنحدر خطابهم الى تحريف المعتقدات، وعن مطالب تغير وجوه كالحة سببت مأساتهم.

الحقوق لا تمنح؛ دون شعب قادر على إختيار رجاله، وبهم يستطيع ضمان توزيعها بعدالة على مجتمع حر.

تختلف مسبباب الهجرة بين الشعوب، وتتفاوت بالشدة وتتفق بالنهايات، وما من تمدد للحكام؛ إلاّ على حساب جثث الأبرياء، وغريب على العالم أن يضج على المهاجرين، ولا يُبالي بجثث العراقيين خلال 12 عام، وبالنتيجة خسارة 200 ضحية غرقاً، معظمهم شباب كانوا قبل سنوات على صناديق الإقتراع، وقبل أيام في ساحات التظاهر، فوجدوا متشبثين ما يزالوا يُديرون الدولة بأدوات الخراب؟! وفي العراق دكتاتوريات تتقنع بالديموقراطية، وتؤيد الإصلاح بلسانها وتخالفه بفعلها، وتعمل بمبدأ نعطي العراق و(ما ننطيها).

 

واثق الجابري

في المثقف اليوم