أقلام حرة

اذا التقشف يكلفه حياته فما بالك بالاصلاح

emad aliان ما قام به السيد العبادي على ارض الواقع لحد الان، هو مجموعة من الاجراءات التقشفية والترقيعات الصغيرة جدا لامور السلطة محاولة تنظيف وتعديل السكة التي يسير عليها فقط ، وهذه الخطوات التي اتخذها ليست بمستوى ان ندعي بانها الاصلاحات التي خرج ونادى بها الشعب خلال الاحتجاجات الكبيرة . وعلى الرغم من ارغامه على التراجع شيئاما حتى على تلك الخطوات، الا ان ما تروج من الانباء عن مشاريع تُقدم الى البرلمان لتنفيذ ما مرره البرلمان خلال حزمة حول اقالة نواب الرئيس الثلاثة ونواب رئيس الوزراء، يُعَد خطوة الى الوراء وتراجعا في وضح النهار ولكن بماء الوجه عن ما اقدم عليه وخضوعا لاوامر ونصائح داخلية وخارجية قوية فرضت عليه التريث وعدم التوغل فيما بعد التقشف الذي استغل في لحظة الاحتاجات الوضع السياسي العام وبدعم المرجعية لهذه الخطوات البسيطة جدا لو قورنت مع ما تتطلبه الاصلاحات في البلد الذي اغرق في تراكمات الفساد طوال هذه المدة مما بعد سقوط البعث .

لقد تسرب انباء عن محاولات فاشلة لاغتيال العبادي ومن تصدى لها من القوى الخارجية . يثير الموضوع عدة تساؤلات حول من يكون وراء تلك المحاولات واهدافهم رغم سهولة التوقع والتحليل، وان علَم البعض بمجريات الامور الدقيقية والخلافات القوية بين هذه المجموعة التي تسيطر على زمام الامور وما تفرضه مصالحهم الضيقة ضمن حتى الحزب الواحد الذي لم يبق على اصالته شيء، وهو مجرد قشرة واسم لما كان عليه ايام الدكتاتورية، وهم سائرون على ضمان تلك المصالح الضيقة بعيدا عن المصالح العليا للشعب .

هناك تساؤلات عديدة ومنها؛ لماذا لم يستقل العبادي من حزب الدعوة الذي يقوده المالكي رغم الخلافات والتكتلات، ليقود بنفسه مسار سياسي يجمع حوله ما يضمن تقويته ويدفع مسيرته الى الامام من رفاقه وحتى اصدقائه من خارج هذا الحزب . لماذا لم يكلف نفسه ولو لمرة ان يلمح الى ما سائر في صفوف حزبه من محاولات عرقلته لاسباب شخصية، لماذا لم ينفذ ما افتى به المرجعية حول القضاء وما اكدته الاحتجاجات ، لماذا لم يتحرك بالسرعة المطلوبة لقطع الطريق امام القوى الخارجية في عرقلة مسار العملية التي استهلها بتقشف مواقع اكثريتها من خصومه سواء الحزبية او في السلطة، لماذا سحب العبادي تقرير لجنة اقصاء حقائق سقوط الموصل من الادعاء العام الذي كان يحتوي على اسماء المتورطين او المتهمين واستبعد بذلك احالة المتهمين الى القضاء . ان كان لايران راي واضح وصريح وهو منع اي اخلال في توازن القوى الذي لازال في المسار الذي تميل كفته بشكل قوى لصالحه، فكيف لهاان تسمح لتوجيه التهمة لخادمها المطيع المالكي في تهمة تكلفه حياته السياسية، وربما هناك دقائق اخرى سرية تصل شرارة التهمة لتصيب حد باب ايران المخابراتية التي ستكتشف يوما، كما اكتشفت وطفت الى السطح علاقات ايران المخابراتية مع القاعدة وقياداته وكيف تعاملت معهم .

اذا، لن يستطيع العبادي من تمرير اية خطوة اصلاحية بمعنى الكلمة فيما بعد، لان الحليمة عادت الى عادتها القديمة ولن يكون العبادي الا المالكي بوجه وجسم اخر مهما حاول الترقيعات والمحاولات للخروج من بين زخم النفايات التي تجمعت حوله وفرضته الظروف السياسية مابعد السقوط وتدخلات الاقليمية والعالمية وما رتبتها المصالح العديدة التي وقعت جميعا على حساب الشعب العراقي، اي يعود الى المساحة الضيقة التي عينته له المعادلات السياسية والمصالح لممارسة عمله .

لذلك يمكن ان نقول ان العراق لا يمكن اصلاحه بالتقشف والترقيعات وهو يحتاج لثورة عصرية تقدمية تزيح الحثالى والمتخلفين من السلطة وتحطم العراقيل، ويجب ان تكون من صنع الجيل الجديد الواعي المثقف الذي انبثق من مابعد سقوط الدكتاتورية، والعراق ليس بدول اخرى ليتفرغ منهم وانما الزمن هو الضامن لانبثاق تلك القوة الضرورية للاصلاحات الجذرية من خلال ثورة بيضاء .

 

عماد علي

في المثقف اليوم