أقلام حرة

جلودنا في اللعبة!! - Skin in the game

عبارة تتردد في المحاورات أو التحديات الإنتخابية في المجتمعات ذات الأنظمة الديمقراطية العريقة، وهي اليوم تتكرر على لسان المرشحين في خطبهم ومشادّاتهم السياسية، وبرزت مقرونة بالحرب على العراق لتبرير التداعيات ومتوالية النكبات التي حلت به بسببها.

ولا يُعرف أصل العبارة بدقة، ويمكن تحميلها ما يريد السياسي قوله وتسويغه، فهي تتحمل العديد من المعاني والمقاصد، ويكثر إستخدامها في الأعمال والإستثمارات والحروب.

اللعبة تشير إلى العمل أو الموقف أيا كان نوعه، والجلد إلى الإلتزام بشيئ ما عاطفيا وإقتصاديا وماديا، أو أنه التعهد الكامل من قبل الشخص تجاه العمل أو الهدف والموضوع، فيسخّر أو يستنفر كامل طاقاته وقدراته ويتحمل المخاطرة مهما كان حجمها.

وهذا يعني أن التعهد يكون محفوفا بالمخاطر لإنجاز العمل وتحقيق الهدف.

أي أن الحرب على العراق – على سبيل المثال – قد حققت هدفها المنشود وهو إسقاط النظام الحاكم أو إنهاء العراق كدولة، وما ترتب عن ذلك من نتائج إنما هو من المخاطر التي ترافقت مع الإنجاز، وهي لا قيمة لها ومعنى بالقياس إلى ما تحقق!!

ويبدو وكأنها مولودة من العبارة المعروفة، " الغاية تبرر الوسيلة"، مع إضافة ولا تهمنا التداعيات، وما سيورثه الوصول إلى الغاية، لأن التعريف محدد وواضح، والهدف المعلن مركّز ودقيق، لكن الأهداف الخفية هي ما ستتولد من رحم إنجاز الهدف المُعلن، والذي كأنه قناع للمخادعة والتضليل للوصول إلى ما لا يخطر على بال المستهدف!!

والعجيب في الأمر أن هذه الآلية قد لعبت دورا كبيرا ومدمّرا في العراق، وإمتدت منه إلى باقي الدول العربية، التي ما إستوعبتها وأدركت مضامين النتائج المتمخضة عن الهدف، الذي أسهمت بإنجازه العديد من الدول العربية المصابة بداء التضليل والتغرير والخداع والتمرير، حتى وجدت نفسها وبلا إستثناء في مأزق أخطر من الخطير.

ولا تزال الكثير من الجلود متعهدة بمواصلة اللعبة، وإقامة مشاريع التدمير الحضاري الفائق وإلغاء الهوية العربية، وتعزيز السلوك الماحق ما بين أبناء المجتمع المغيب في غياهب الويلات، ونشوب الحرائق النفسية والفكرية والعقائدية والأخلاقية، التي ألغت الألفة والمحبة والتوافق!!

وأصبحت الجلود العربية من مرتكزات تواصل اللعبة الإنقراضية، والسياسة التفريغية للمنطقة من محتوياتها الحضارية، ودلالات الهوية والقدرة على التأثير في الحياة الأرضية، فالدول العربية تقود مسيرات القفز في أتون سقر، وما إنتبهت، وحُداة مصيرها لا يعرفون غير قول إلى أين المفر!!

فهل علينا أن نسلخ جلودنا لكي لا تمضي اللعبة فينا؟!!

 

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم