أقلام حرة

المظاهرات تتحول من دعوة الى المدنية الى دعوة الى العشائرية

من اشد الانظمة وحشية وتخلفا واجراما واشدها خطرا على الحياة والانسان هي الاعراف العشائرية وشيوخها فانها مصدر كل شر وكل فساد وظلم وظلام وكل وباء في كل التاريخ فانها ترفض اي تغيير او تجديد اي بناء اي علم اي عمل اي تفكير اي قانون مؤسسة دستورية اي دولة لانها ترى في ذلك يهدد وجودها وامتيازاتها ومكارمها لهذا فان الدولة الدستورية المدنية لا تلتقي بالعشائرية واعرافها فدائما انهما في صراع لايمكن ان يتعاشيا ابدا فاما الدولة الدستورية المدنية او العشائرية واعرافها وشيوخها

فوقفوا ضد الاسلام وقيمه الانسانية السامية حتى افرغوه من تلك القيم النبيلة وعادت القيم الجاهلية الاعراف العشائرية وشيوخها ووقفوا ضد صرخة اول شهيدة في الاسلام سمية ام عمار وضد صرخة ابي ذر الغفاري الانسانية لانها كانت تتلوا الآيات القرآنية الكريمة

وذبحوا الامام علي كما ذبحوا الامام الحسين وهكذا استمروا في ذبح كل صرخة من اجل الحرية وكل من يصرخها حتى عصرنا فكل ظالم كل لص كل قاتل كل فاسد يريد ان يحقق هدفه في كل التاريخ يلتجئ الى القيم العشائرية وشيوخها واعرافها ويحتمي بها ابتداءا بالطاغية معاوية وانتهاءا بال سعود وصدام

وما معانات العراقيين ومتاعبهم وما حدثت من جرائم وموبقات وفساد وارهاب وسوء خدمات عبر كل تاريخهم الطويل الا نتيجة لوجود الاعراف العشائرية وشيوخها وقوة نفوذهم وسيطرتهم لهذا ليس امام العراقيين من وسيلة من اجل بناء عراقهم وسعادة انفسهم الا بقبر العشائرية واعرافها وشيوخها كما تقبر اي نتنة قذرة والا لا بناء ولا سعادة

كان الكثير من العراقيين وجد في تحرير العراق في 2003 بداية جديدة لانهاء اعراف العشائر وشيوخها وقبرها وبناء الدولة الدستورية المدنية اي دولة القانون والمؤسسات الدستورية حيث تحررت العقول من اي احتلال وفعلا بدأ العراقيون الاحرار خطوات بهذا الشأن مثل انشأ الدستور والمؤسسات الدستورية منظمات المجتمع المدني صحافة حرة حرية التظاهر المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات ضمان حرية الرأي والعقيدة ومع ذلك كانوا في حالة يقظة وحذر من تحرك دعاة وانصار العشائرية واعرافها خاصة ان الظروف ملائمة نتيجة لسيطرت وقوة نفوذ الاعراف العشائرية وشيوخها والتي أنتجت وصنعت شبكات الفساد والارهاب واحتضنت المجموعات الارهابية الوهابية والصدامية وكما استطاعوا ان يختطفوا الاسلام ويحولوه الى مطية لتحقيق رغباتهم السيئة في صدر الاسلام فهاهي المجموعات العشائرية الارهابية تحاول ان تلعب تلك اللعبة بعد نهضة العراقيين في 2003 من اختطاف النهضة العراقية الجديدة وركوبها وجرها نحوهم وجعلها في خدمتهم ومن اجلهم الا ان الجماهير الشعبية ومعها المرجعية الدينية الرشيدة تمكنت من افشال تحقيق رغباتهم لكن ذلك لا يعني انهم استسلموا للامر الواقع ورموا اسلحتهم بل لا يزالوا يواصلون حيلهم وأضاليلهم لتحقيق مآربهم الخسيسة

لهذا خرجت الجماهير العراقية المسروقة المظلومة المحرومة في مظاهرات صاخبة بتشجيع وتأييد المرجعية الدينية الرشيدة مطالبة بكشف الفساد والفاسدين بالقضاء على الفساد واحالة الفاسدين الى العدالة بالقضاء على الارهاب والارهابين من خلال القضاء على الاعراف العشائرية وشيوخها لانها مصنع للفساد والارهاب ورحم للفاسدين والارهابين الا ان المؤسف والمحزن حدث في مظاهرات واحتجاجات الجماهير انحراف وخروج على اهداف الشعب في بناء عراق ديمقراطي تعددي حر مستقل وتشكيل حكومة تضمن لكل العراقيين المساوات في الحقوق والواجبات وتضمن لهم حرية الرأي والعقيدة فولد الفساد والارهاب نتيجة لبروز الاعراف العشائرية وشيوخها وتقوية نفوذها وفرض سيطرتها في مختلف المجالات حتى اصبح الاعراف العشائرية القوة الحاكمة والتي ادت الى تهميش الدستور والقانون والمؤسسات الدستورية وابطلت اي مفعول لها وهاهي تطالب بالغائها

فخرجت الجماهير الحرة رافضة الاعراف العشائرية وشيوخها لانهم سبب الفساد والارهاب والظلم وسوء الخدمات نعم خرجت منددة بالفساد والفاسدين ومتسلحة بمواقف وتعليمات المرجعية الدينية الرشيدة خرجت الجماهير المظلومة المسروقة المحرومة من قبل هؤلاء الذين يدعون الى العشائرية واعرافها وشيوخها حتى اصبح السياسيون الموظفون وعلى كافة المستويات يستندون في حل خلافاتهم ومشاكلهم على الاعراف العشائرية وشيوخها فكل من ورائه شيخ مصنوع وعشيرة امية وعصابة مسلحة يمكنه ان يسرق يقتل يرتشي يفعل ما يريد الويل لمن يقول له على عينك حاجب فانه يعرض نفسه الى المسائلة العشائرية

وهكذا اصبحت كل عشيرة لها حكومة ورئيس حكومة ولكل عشيرة جيش وعلم وهكذا تحولت مظاهرات الجماهير الشعبية من اجل بناء عراق حر ديمقراطي تعددي وحكومة مدنية تضمن للعراقيين جميعا المساوات في الحقوق والواجبات وتضمن لكل العراقيين حرية الرأي والعقيدة الى دولة عشائر تحكمها الاعراف العشائرية وشيوخها الامية المتخلفة

وهكذا اختفى الحراك المدني واختفت شعاراته ولم تبق غير شعارات العشائر ثلثين الطك لعشيرة فلان وقيل عناصر من عشيرة اخرى رفعت شعار ثلاثة اثلاث الطك لعشيرة فلان وادى ذلك الى حالة خلاف كاد يؤدي الى استخدام السلاح لولا تدخل الجيش العراقي وسمعنا عشائر اصيلة وعشائر غير اصيلة وشيوخ اصيلة وشيوخ غير اصيلة شيوخ التسعين وشيوخ ما قبل التسعين بل هناك من المتظاهرين وخاصة الذين اطلقوا على انفسهم قادة اللجان التنسيقية ونتج خلاف وصراع بين عناصر هذه اللجان لان كل واحد منهم يريد ان يكون القائد الاول رموا انفسهم في احضان شيوخهم وعشائرهم من اجل حمايتهم من العناصر الذين حولهم وفي نفس الوقت يفرضون التابعين لهم زعماء وقادة للمجموعات التي يطلق عليها اللجان التنسيقية

وشاهدنا وسمعنا من اختطاف لهذا المتظاهر او اعتداء على هذا المتظاهر كان نتيجة للخلافات والصراعات بين هؤلاء المتظاهرين انفسهم خاصة بعد دخول عشائر وشيوخ هؤلاء المتظاهرين في هذه الخلافات والصراعات

لهذا نرى الكثير من عناصر الحراك المدني والقوى الديمقراطية انسحبت من المظاهرات ولم يبق الا دعاة العشائرية وشيوخها

 

مهدي المولى

 

في المثقف اليوم