أقلام حرة

إلى حكومة العراق ومرجعية النجف: بمناسبة قرب حلول شهر محرم الحرام

الإسراف والتبذير في طبخ الطعام في مناسبات إحياء ذكرى أهل البيت

يحل علينا بعد أيام شهر محرم الحرام. وبهذه المناسبة نود أن نبدي موقفنا فيما يجري في هذا الشهر الكريم من تقليد طبخ الطعام في مناسبة عاشوراء الإمام الحسين (ع) وفي مناسبة أربعينية استشهاده، وتقديم هذا الطعام في المناسبات الأخرى للزوار السائرين في طريق زيارة أهل البيت (ع)

إن ما يجري في مناسبات إحياء ذكرى آهل البيت عامة وفي مناسبة إحياء ذكرى الإمام الحسين خاصة، في عاشوراء محرم الحرام والأربعينية، من إسراف وتبذير في طبخ الطعام وتقديمه للزوار السائرين في طريق زيارة أهل البيت، من قبل القائمين على إحياء هذه المناسبات في كافة أنحاء العراق وخاصة في بغداد والنجف وكربلاء والكاظمية، أمر لا يتناسب مع الظرف المعيشي الذي يمر فيه العراق بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعصف فيه وحالة التقشف الشديد التي فرضها انخفاض أسعار النفط العالمية والحرب على تنظيم الإرهابيين الغزاة داعش.

إن تقليد طبخ الطعام وتقديمه للزوار في هذه المناسبات والإسراف والتبذير فيه يكاد يخرج عن كل قصد منه، وغدا مسألة مباهاة وتظاهر ووجاهة. وصار مظهر من مظاهره المؤسفة، وهو رمي بقايا الطعام الفائض عن الحاجة في الشوارع بعد انتهاء مراسيم إحياء هذه المناسبات، ظاهرة ملفتة للنظر. إن الله سبحانه وتعالى يقول: " .... وكُلوا واشرَبوا ولا تُسرِفوا إنهُ لا يُحِب المُسرفين." (31 الأعراف) يقول أحد الكتاب، إن الإسراف والتبذير هو تجاوز الحد في كل فعل يفعله الإنسان عامة وفي الإنفاق خاصة. وهو يعم كل تجاوز في معنى الأمر الذي جاء في هذه الآية. كما أن مال كل فرد هو مال الأمة، وهو في الأصل مال الله أعطاه للإنسان لينفقه .... حسب الحاجة والضرورة المعاشية. يقول تعالى " .... وأنفِقوا مِما جَعَلَكُم مُستَخلَفينَ فيهِ...." (الحديد 7) فإسراف الغني في إنفاق المال وتبذيره هو اعتداء على مجموع الأمة لأن المال عصب الحياة ومصدر قوة الأمة." ونُقل عن رسول الله (ص) أنه قال " أن الله كَرَّهَ لكم ثلاثا: القيل والقال، إضاعة المال، وكثرة السؤال.

إننا نوجه هذا الكلام إلى المراجع الدينية في النجف الأشرف وفي مقدمتهم المرجع السيد علي السيستاني للالتفات إلى هذه الظاهرة والنظر فيها واتخاذ ما يلزم من جانبه، ليس لإلغاء هذا التقليد في إطعام السائرين في طريق زيارة الأئمة (ع) بل التقليل من هذه الظاهرة وتقنينها والحد من المغالاة في صرف الأموال فيها، (والتي يعلم الله كيف تُصرَف وفي أي وجه،) والاستفادة من المال الفائض بصرفه إلى عوائل وأُسر المجاهدين من الحشد الشعبي الذين، ربما، لا يجدون ما يكفي لسد إحتياجاتهم من المأكل والمشرب والملبس والسكن بسبب تطوع أبناءهم ومعيليهم بناء على فتوى السيد السيستاني في الجهاد الكفائي، وأن يتم ذلك بفتوى منه أو بخطبة من خطب ممثليه في يوم الجمعة.

كما نحث حكومة العراق على التوقف عن صرف الأموال المخصصة للمواكب الحسينية من أجل طبخ الطعام في هذه المناسبات التي يكثر عددها عاما بعد عام، لا ندري كيف، بينما يعاني النازحون والمهجرون العراقيون من قلة الخدمات المقدمة لهم في الخيام التي يعيشون فيها ومنها الطعام الذين يُقيم أوَدَهم ويبقيهم على قيد الحياة في إنتظار عودتهم إلى مدنهم ومناطقهم، أرضهم ومساكنهم التي هُجِّروا ونزحوا منها مجبرين.

نرجو أن يكون لكلامنا هذا صدى عند من يهمه الأمر من مراجع حكومية ودينية، وأن لا يُنظَر إليه على أنه تدخل لمنع العمل بشعيرة مقدسة عند الشيعة. إنه ليس تدخلا لمنع العمل بشعيرة مقدسة هي من تقوى القلوب، قلوب محبي أهل البيت، التي جرت العادة على القيام بها في مناسبة شهر محرم الحرام وفي مناسبات الشهور الأخرى التي يُحيي فيها محبو أهل البيت (ع) أمرهم وذكراهم.

 

احمد العلي

 

 

في المثقف اليوم