أقلام حرة

إصلاحات العبادي خطب إعلامية ام ألاعيب سياسية؟!!

ربما ينبغي ان لا نسمي عملية الإصلاح التي تقوم به الحكومة العراقية بشخوص معينة، وان لا نعيد تكرار ازمنة مكرمات القائد الضرورة وكان العراق وشعبه ضيعة من ضيعات العوجة، كما ينبغي على العقل العراقي ان يبتعد عن صناعة الأصنام،لانها تسقط يوماً لا محال، لان عملية الإصلاح ان سميت إصلاحات ما هي الا إجراءات يقوم بها موظفون الدولة والهدف منها إصلاح البنية الإدارية للمؤسسات، ومحاربة الفاسدين وطردهم وهو امر طبيعي ينبغي ان يسير بالاتساق مع عملية بناء الدولة العراقية الجديدة، وهنا لابد ان نتساءل هل فعلا ما يجري هي إصلاحات ؟ وهل هي فعلا إصلاحات السيد العبادي ام انها إجراءات حكومية تعمل على إصلاح البناء المؤسسي للدولة ؟!

منذ اكثر من شهرين على اعلان السيد العبادي عن إصلاحاته التي لم ترى النور وواجهت الكثير من العقبات سواءً على المستوى القانوني او الدستوري، بل هذه الإصلاحات لم ترى التطبيق لحد الان، وقد بدأها بإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية الذين ما زالوا يمارسون مهماتهم كنواب للرئيس لحد اليوم، الامر الذي يجعلنا نتساءل هل هي إصلاحات ام محاولة لتهدئة الشارع ؟! .

اغلب الإجراءات التي قام السيد العبادي هي إجراءات لم تكن مساس للواقع السياسي، بل هي كانت ترقيعية تحاول تهدئة الأوضاع الداخلية، مع عدم الضرر بالحزب الحاكم، المستحوذ على اغلب المناصب الحكومية، خصوصا مع وجود عقبات واضحة أمام الإصلاحات، وأن العبادي بات في منطقة حرجة بل صعبة للغاية، حيث تتداخل العقبات الإدارية مع الدستورية لإجراء الإصلاحات، في ظرف عصيب يمر به العراق، يتمثل بالتهديد الأمني الخطير الذي يتهدد وجوده بالكامل، متمثلا بالحرب الكبيرة التي يخوضها العراقيون ضد تنظيم داعش الإرهابي.

هذه الإصلاحات لم تلامس الواقع اليومي للمجتمع، بل ولك تنعكس في حياته اليومية، والمتابع يرى بوضوح انها مجرد إجراءات لتهدئة الأوضاع وذر الرماد في العيون خصوصاً وان المرجعية الدينية العليا في خطبة صلاة الجمعة الاخيرة من الصحن الحسيني الشريف صعّدت من خطابها وطالبت باتخاذ مواقف حاسمة تجاه مكافحة الفساد المستشري وبحماية الدولة من شخصيات متنفذة وفاسدة، كما طالبت المرجعية الدينية ضرورة ان تكون هناك خطة واضحة لعملية الإصلاح، وان لا تكون انتقائية تستهدف مكون دون مكون اخر، بل يجب ان تشمل الجميع، كما ان هذه الإجراءات عكست عجز الحكومة من احداث تغيير واضح في الهيكلية الإدارية للدولة، الامر الذي ربطت فيه المرجعية الدينية عملية الإصلاحات مع ملاحقة المفسدين وتقديمهم للقضاء وإعادة الأموال المنهوبة والمشروعة من أموال الشعب العراقي في مشاريع وهمية ومقاولات مبنية على العلاقات المشبوهة والمحاباة والفساد .

ان الوضع القلق الذي يعيشه العراق اليوم، يستدعي الحكمة في أقصى درجاتها من الجميع، وأولهم الحكومة العراقية، كما يجب على الكتل السياسية كافة وأحزابها، والشخصيات المستقلة الداخلة في العملية السياسية، ان يكون لها دور مهم في الوقوف مع مطالب المتظاهرين، وتوجيه الحكومة بما يحقق عملية الإصلاح الحقيقية، وكذلك الشعب فهو مسؤول عن التصرف بحكمة قصوى إزاء المظاهرات وتداعياتها على الوضع الأمني، في هذا الظرف العصيب الذي يحاول أن يجتازه العراق بسلام، وكذلك فإن الحكومة العراقية مطالبة بالاستمرار في الإصلاحات، وملاحقة الفساد والمفسدين، والقضاء على الترهل، وكمال عملية الإصلاحات الحقيقية وليست الإصلاحات الترقيعية والتي ستزيد الوضع تشنجاً وتعقيداً، خصوصاً ونحن نواجه عدواً خطيراً بكل المقاييس الا وهو الارهاب الداعشي والذي ينتظر الفرصة السانحة لإيقاظ الخلايا النائمة، والسعي الى قلب المعادلة واحداث فوضى سياسية وأمنية خطيرة في البلاد، وبالتالي ضياع اي هدف اصلاحي وتغيير الواقع السياسي والاقتصادي الهزيل، والذي لا يمكن ان يرى الحل الا بولادة نخبة سياسية جديدة تقود البلاد نحو بر الأمان .

 

محمد حسن الساعدي

 

في المثقف اليوم