أقلام حرة

تعلٌق رئيس اقليم كوردستان بكرسي الرئاسة

emad aliكما يقول الشاعر؛ لا تنكأ الجرح القديم بالنبش في الماضي الأليم .. النفخ في أثر الرماد يشعل نارا في الهشيم. انا هنا لا اريد تنكا الجرح العميق في جسد الكورد من افعال احزابه ولكن الشعب استشاط غضبا من الوضع الذي اوصتله اليه هذه الاحزاب العائلية التي لم تخرج بعد من مصلحة مجموعة او عائلة او عشيرة على حساب كافة الطبقات وفئات الشعب، الا انه تاريخ مليء بالجرح والدماء السائلة من الحروب الداخلية ومن يد الاعداء المحيطين يستوجب الذكر يفرض نفسه ولابد من ذكره للاجيال يتعض منه ويتمكن من هؤلاء ويخرجهم من دائرة المتنفذين باية طريقة كانت . انه لمن المؤسف اننا لم نتعض منه ولا نعتبر من دروسه ونعيد الاخطاء مرارا.

لو كان العقل حاكما والاخلاص سمة والتواضع صفة القادة لما كنا اليوم في هذا الوضع البائس الذي يعيشه الشعب الكوردستاني في هذه الايام، وما وصلنا اليه من الازمات العديدة السياسية الاقتصادية الاجتماعية دون اي تقدم يُذكر في حال هذا الشعب الميؤس من حاله. كما يقول ادموندز؛ انه من السهل ان تفتعل صراعا وحرابا بين الكورد وانهم يحاربون البعض لاتفه الاسباب. اليوم تاكدنا من مقولته ونظرته بعدما مررنا بمرحلة اعتقدنا باننا لا يمكن ان نعود الى ما كنا عليه، ولكن المصالح الشخصية والعقلية الضيقة الافق التي لم تخرج من المساحة التي تفكر فيها قلبت كل شيء، ولولا المعادلات الاقليمية وما تربط بالمنطقة بشكل عام لكنا الان في وضع اسوا من عهد الدكتاتورية . فهل من المعقول ان تحل محل الدكتاتورية دكتاتورية من القومية ذاتها وبالصفات والتعامل ذاته مع الناس . من يقيٌم الاوضاع في المناطق التي تقع تحت نفوذ الحزب الديموقراطي الكوردستاني بشكل خاص وما يجري فيها من التهديد والتشريد والاغتيال والتهريب والترغيب والترهيب فيتاكد من ما نقوله عن الدكتاتورية بحالها .

السؤال الذي يفرض نفسه ويستوجب الاجابة العقلانية عليه وبكل حيادية وهو؛ لماذا يتعلٌق السيد مسعود البرزاني بكرسي الرئاسة بقوة ولا يريد الارتجال منه؟ هل يمكن ان يحمل الصفات الدكتاتورية التي يحملها كافة الدكتاتوريين في العالم وهذا ليس بغريب؟ ام انه مصالح واسرار اكثر من النرجسية التي يعتمدها في عدم ترك الكرسي؟

لو دققنا في الموضوع، لابد من ان نقول ان الصفات الشخصية والتربية لهما الدور الرئيسي في اي موقف وليس المكانة او الاخلاص كما يدعي المتملقون (ونسميهم في كوردستان بحاملي ابريق العائلة الحاكمة) من حوله الذين يخدعون البرزاني ايضا باستشاراتهم المصلحية البعيدة عن ما يهم الشعب الكوردستاني ومستقبله .

ترعرع السيد مسعود البرزاني وهو من عائلة مناضلة وكان لمسؤليته في جهازالاستخبارات الحزبية (الباراستن) دور رئيسي في تربيته السياسية والاخلاقية . ولم يحس يوما انه من ابناء الشعب العامة وما يتميزون به . اي انه تبنى على اوامر عسكرية استخباراتية سرية وتبنى ابناءه عليه كما هو حال ابنه مسرور البرزاني واختلافه مع ابن اخيه نيجيرفان البرزاني في العديد من الجوانب . وعليه فان من كان هذا تاريخه وتربيته وتبنيه في حياته، فمن الصعب ان تجده يفكر بما يفكر به الشعب بشكل عام ومن الصعب عليه ايضا السير دون حسابات مخابراتية شائكة كما توجد على ارض الشرق الاوسط . هذا على الصعيد الشخصي، اما الحزب الديموقراطي الكوردستاني الذي يعتبر نفسه الحزب القائد وهو يفكر بانه ام الاحزاب الاخرى ويعتقد بانه قد انبثقت الاحزاب الكوردستانية الاخرى من رحمه كما يفكر دون اي اعتبار للمتغيرات المختلفة في الساحة الكوردستانية ، فانه لا يمكن ان يفكر ولو لحظة في ان يكون حزبه خارج السلطة، لانه سار على السلطة وربى كوادره واعضائه على مستوجبات السلطة، ليس بعد الانتفاضة فقط وانما في ايام المحن ايضا وفي الوقت الذي كان خارج حدود العراق ايضا، كما كان اثناء الثورة التي راحت ضحيتها ابناء الفقراء والكادحين فقط . اي الحزب السلطوي والقيادة النرجسية المصلحية مع الاسباب الاخرى لمجموعة متملقة من الحاشية المستفيدين من الوضع وتاثيراتهم المباشرة على فكر ونظرة البرزاني الى السياسة والحال الكوردستاني، يدعه ان لا يفكر للحظة ان يكون خارج مساحة الكورسي . هذا اضافة الى اسرار وفساد مستشري وهو وحزبه المسؤل الاكبر فيه، فانه يخشى كشف جميع جوانبه ويمتنع عن فسح المجال لاعادة الاوضاع الى حال يمكن ان يُقطع دابر الفساد وينتقده الشعب على المرحلة التي حكم فيها من السلبيات التي سيطرت على السلطة والحكم . هذا عدا اسباب ثانوية اخرى داخلية لحزبه والصراع القوي الموجود بين كتلتي مسرور ونيجيرفان البرزاني والمصالح التي تمنع توحدهما او يمكن ان تتوفر فرصة انشقاقها في حال ابتعدوا عن السلطة .

 

عماد علي

في المثقف اليوم