أقلام حرة

بين وخز النخاع الخاص بالسرطان ووخز الضمير معادلة اسمها الوطن!

akeel alabodقد يتألم الانسان لإصابته بمرض عضال، لكنه لا بد ان يتحرر من الالم بعد موته، وقد يتنعم من فقد ضميره بالحياة، ليذهب بعد حين الى الجحيم تطارده اللعنات.

هنا بين من يتعرض الان الى نوبات الم سرطاني ينذر بالموت، وبين من يتنعم بالحياة دون ان يعلم انه سيموت صورتان:

 

الاولى، لقد حضر أقارب احد قادتنا، اقصد "حكومتنا العراقية" الى الولاية التي اختصر عبرها طريقه الى الثراء، بعد ان تم تعيينه ذات يوم مع حماية عمه، اوخاله النائب الكبير، اوشاهبندر التجار، كما تم الادعاء، لشراء دار، او عقار بطريقة لا يعلم بها احد في الولاية التي غادرها، بعد السقوط ، ثم عاد اليها مؤخراً بعد ان أزيلت أقنعتهم اي هؤلاء، الذين بسببهم يموت آلاف الفقراء جوعاً وعطشا وألما.

الأحياء الشعبية ذاتها التي داهمها أخطبوط السرطان في البصرة، والنجف وغيرها قبل سنوات تلك التي زرتها يوم ذهبت الى العراق، لاودع والدتي المريضة خوفا ان أفقدها بلا وداع.

الخوف هو نفسه ايضا، هذا الذي ما انفك يهدد أرواح الأبرياء بسبب انعدام الرعاية الصحية، ولكن بينه وبين ما تستوجبه حياة الانسان في المجتمعات التي تعمل لصالحه، فرق كبير، فبين انعدام ضمير المسؤول الذي يسرق راس المال، وبين ما تمتلكه الدول، التي يعتبر الانسان فيها اثمن رأسمال تتضح حقيقة المعادلة.

هنا صديقي الذي يعاني من سرطان احد أعضاء جهازه الهضمي، اخبرني بان العلاج لم يعد ينفع معه وأن الطبيب المختص، كان قد اعلمه بان حالة ارتفاع درجة حرارته الى فوق المئة، تنذر بالخطر الشديد، باعتبار ان الدرجة الحرجة او المخيفة لتصاعد درجة الحرارة هي المئة وخمسة، ما ينذر بهجوم بكتيري يفرض على المصاب المتابعة والاتصال بإسعاف العناية الخاصة بالحالات الطارئة ال emergency، وهذه الأخيره تعد من الخدمات المجانية بحسب قانون الخدمات الصحية الخاصة بذوي الدخل المحدود.

هنا حيث بقي صاحبي يتابع حديثه مستانفا، رحت انصت كما يضع الطبيب سماعة الفحص السريري الخاصة بالمريض, كان يلهث لدى تحدثه معي كأنه يحمل حقائب سفر ثقيلة.

لم أكن اعرف عن طبيعة وتفاصيل الإجراءات الخاصة بالمرض المذكور، حيث وخز الظهر وفحص العينة عن طريق ال injection، الخاص بفحص النخاع، وتحليل نمو العينة المصابة اضافة الى خضوع المريض الى باقي الفحوصات الطبية كتحليل يوريا الدم، وما يتعلق بأجزاء هذا الجسم الذي خلق بطريقة تثبت مدى قيمة هذا الكائن وفقا لهذا النوع من التكامل العضوي، ما يفرض عليه مسؤولية كبرى تناط به خدمة للحياة والإنسانية عن طريق العقل والضمير.

هنا حيث لغرض تجنب الأحراج، رحت مواسيا اتحدث عن تطور الطب والعلاجات الخاصة بهذا النوع من المرض، خاصة ونحن نعيش في دولة متطورة في هذا المجال، فالابحاث قائمة ولم يصل الأطباء الى درجة الياس اوالعجز، ولكن بقي ان هنالك أملا يتعلق بقدرة الطب على الاكتشاف.

فالارتباط مع وسائل البحث العلمي بات كفيلا بحماية حياة البشر من اخطار الافات الصحية وكل شيء يهدد الحياة بما فيها كوارث البيئة.

ولكن بقي السؤال عالقا للمقارنة، حيث بين مخاض الالم الذي يتعرض له صاحبي، وفقدان المناعة من الامراض، وبين ما يعاني منه الوطن الذي فقد المسؤول فيه مناعة الضمير، بقيت معاناة صاحبي من المرض، لكنها ستذهب حتما بعد حين، حتى ولو انتهى الامر بفقدان حياته.

ولكن هل يا ترى سيشعر اصحاب من تعاني ضمائرهم من الإصابة بفقدان المناعة الاخلاقية والشرف الرفيع، بنفس نوبات الإعياء التي يشعر الان بها صاحبي ؟

 

عقيل العبود

 

في المثقف اليوم