أقلام حرة

الانسان مهما بلغ مدين لمن حوله ولمن سبقوه

كتب احد الكتاب المحترمين على مدونته الخاصة ما يلي:

ليس من المعيب ان اعترف انني لست مدينا للتراث بشئ لكل ما تسامحوا فأطلقوا عليه اسم الحضارة العربية لست مدينا لمنظومتها القيمية الغريبة لست مدينا لهواجس سمائها وكلمات انبيائها واوليائها

اعتقد استاذي العزيز ان ذلك معيب ومعيب جدا فالانسان جزء من هذا الوجود يتأثر به ومن ثم يؤثر به

فالانسان مهما بلغ من علم ومن مساهمة في بناء الحياة انه مدين لمن حوله ولمن سبقوه من الناس مدين لمساهماتهم في صنع وبناء الحياة مهما كان مستواهم ومهما كانت حالة تلك المساهمات

فالانسان منذ ان بدأ يعي بدأ يفكر في بناء سعادة نفسه في راحته وهكذا بدأ بمراحل عديدة ومختلفة حتى وصل الى هذه المرحلة الحالية فلو اخذنا تطور الحياة وتقدمها فانها بالحقيقة لا تختلف عن تطور الانسان وتقدمه لا يمكن ان ينكر فضل دار دور على انشتاين او غيره من الذين ساهموا في تطور الحياة والانسان التي تعلمها في الابتدائية ولا حتى المعلم الذي علمه كلمات الدار الدور ولا يمكن ان ينكر فضل جدول الضرب الذي طلب منه ان يحفظه ويتعلمه كما ان الانسان ابن بيئته بسلبياتها وايجابياتها فرؤيتك لوالدك وهو يرتدي اللدشداشة السوداء وهو يركض في ركضة طويرج وقيام والدتك بصبغ ثيابك باللون الاسود هذا كان السبب الذي حرك عقلك وبدأ يأخذ منحى اخر ولكن تدريجيا وهذا حالة مر بها كل من بدأ يستخدم عقله حتى وصل بمرور الزمن الى مرحلة يعتبرها البعض مرحلة القطيعة بينه وبين تلك الفترة

صحيح ان الانسان الذي استخدم عقله منذ طفولته او صباه ووصل الى مرحلة عالية من النضوج والوعي والمعرفة يرى في عبارات دار دور لا قيمة لها وفي جدول الضرب لا اهمية له الان لكن لا يجوز ان تنكر فضلها عليك الان بل انكار فضلها كأنما تجاهل مرحلة الطفولة والصبا بل تدعوا الى الغائها وهذا هو المستحيل

لهذا فكل نقطة مضيئة في كل مرحلة من مراحل التاريخ سواء حياتك الخاصة او الحياة كلها لها فضل عليك سواء اعترفت او لم تعترف بذلك

فلو عدنا الى اول من صنع سيارة وقارنا بين ما وصلت السيارات في الوقت الحاضر لا شك سنرى اول سيارة لا اهمية لها وحتى الآليات التي صنعت تلك السيارة لا قيمة لها ومن ذلك بدأ المختصين يطورون السيارات حتى وصلت السيارات الى هذه المرحلة

من الجهل والانانية عندما يأتي احد المختصين في صناعة السيارات ويقول اني لست مدين لاول من صنع السيارة ولا الذين من بعده فكل ما توصلت اليه من افكاري ومن جهودي وحدها

فالافكار السليمة الراقية والحضارة ليست نتاج جهد فرد واحد او مجموعة او امة وحتى جيل واحد بل نتيجة كل جهود الناس والامم واجيال متعاقبة

لا شك كان الانسان لايختلف عن اي حيوان تغلبه الغريزة لكن منذ ان بدأ الانسان يستخدم عقله تدريجيا بدأ صراعه مع الغريزة والعقل بعض الاحيان تطغى الغريزة وبعض الاحيان يطغى العقل ومنذ ذلك الوقت بدأ الانسان الخروج من الطبيعة الحيوانية وينتقل الى الطبيعة الانسانية تدريجيا

وهكذا اني على يقين بأن الانسان سيحقق كل شي حلم به في يوم من الايام بنفسه وبعقله سيخلق الجنة التي حلم بها وعلى الارض وفي حياته كما انه سيقضي على الموت اي سيحقق الخلود هذا الحلم الذي راود الانسان منذ ان وجد وعندما عجز عن تحقيقه فاعتقد انه سيناله بعد الموت

صحيح لا استطيع ان احدد المدة والكيفية التي سيحقق الانسان تلك الاحلام لكني عندما انظر الى التغيير والتطور الذي حدث و يحدث في الحياة وخلال مسيرة الانسان الطويلة وصلت الى قناعة تامة ان تطور وتقدم الحياة لا يتوقف عند حد معين وهذا طبعا كله بفضل الانسان فما كان الانسان يراه مستحيل قبل 500 عام اصبح الان واقع وما نراه مستحيل الان بعد 500 عام سيصبح واقع وهكذا فالتطور والتقدم في الحياة لا يتوقف عند حد معين ابدا بل انه مستمر الى ما لا نهاية فمهما كانت خيالاتنا واسعة اعتقد عاجزين عن معرفة ما سيحققه الانسان من اكتشاف واختراع بعد مائتي عام فكيف بعد الفي عام عشرة آلاف عام

واخيرا نقول لكل من يعتقد سواء كان فرد او مجموعة او امة او جيل انه وحده الذي صنع هذا التطور والتقدم في هذه الحياة بدون الاعتماد على من حوله من قبله انك لا شي

 

مهدي المولى

في المثقف اليوم