أقلام حرة

هل يفعل الحشد الشعبي العراقي ما اقدم عليه الحرس الثوري في ايران؟

emad aliكلنا على اطلاع وعلم بكيفية وظروف انبثاق الحشد الشعبي في العراق ما بعد مجيء داعش وسقوط نينوى واقترابه من عتبة بغداد . وبعد فتوى من المرجع الديني الشيعي علي السيستاني بناءا على اساس جهاد كفائي كهدف خاص لما له القدرة على تشريعه دينيا مذهبيا، واعتمادا على المنهج الشيعي في التعامل مع مجريات الامور من الناحية السياسية الشرعية المذهبية، وكيفية التعامل مع الاحداث المؤثرة على حياة الناس بشكل مباشر سواء بالتوجهات الدينية السياسية او العمليات العسكرية .

لقد انبثق الحرس الثوري الايراني بعد ثورتهم عام 1979 ونجحت في طهران واستقرت الحال، وبعد ان نوت السلطة ازاحة من يقف امامها من القوى بشكل عسكري، وحتى من القوى الاصيلة التي لها الفضل في اندلاع الثورة واسقاط الشاهنشاه غير المؤسف عليه . وضربت ايران بالحرس الثوري الثورة الكوردستانية قبل غيرها، وانفردت القوى الدينية في السلطة الايرانية، ولازالت تفرض نفسها على زمام الامور رغم التغييرات التي حدثت خلال ثلاث عقود ونيف من عمر هذه الثورة، التي تبنت لنفسها اصدار الثورة بداية ومن ثم انعكفت بعد ان تلقت الضربة الموجعة من الحرب الثمان سنوات مع العراق وحددت من شعاراتها، ومن ثم انعش الفكر التصديري للثورة لدى السلطة الايرانية المركزية، بعد تغيير المعادلات جراء سقوط الدكتاتورية في العراق .

ان اي توجه او قرار يحتاج الى عمليات داخلية معادية ضد قوى الحرية والتحرر تستند على الحرس الثوري كقوة خاصة مطيعة مذهبية ايضا، مستندة على المنهج الشيعي الفارسي كما هو المعلوم عنه، وانه قوة لها امتيازات خاصة تختلف كثيرا عن الجيش النظامي . نجح الحرس الثوري في اخماد العديد من التحركات وحتى مظاهرات المعتدلين، بعدما اصبح سلاحا فتاكا بيد المحافظين للحفاظ على تحفظاتها الفكرية الايديولوجية وضرب اي توجه اخر . لقد تمكن الحرس الثوري من تحقيق الاهداف التي تاسس من اجلها واخمد كل صوت يرتفع ضد النظام وتعامل مع المعارضين بالحديد والنار، وهو القوة الضاربة التي تعتمد عليها الجمهورية الاسلامية في سياساتها اليومية الداخلية والخارجية .

اما الحشد الشعبي فانه الحرس الثوري من حيث الجوهرو الايديولوجيا والتوحه، وسيكون القوة بيد الشيعة بشكل عام والسلطة العراقية بشكل خاص ايضا، ولا يمكن ان يصبح عراقي الهدف والتكوين كما يعلم الجميع . ان اختلى العراق وتخلص من داعش والمعارضين سيتسلح الحشد باحسن الاسلحة كما هو حتى في الوقت الحاضر، وسيتفرغ لاداء واجبات داخلية عراقية الهدف ايرانية التقليد والمقصد والاستراتيجية ان تمكن . فهل ينجح كما نجح الحرس الثوري . ان الواقع الجغرافي السياسي العراقي يختلف كثيرا عن الايراني، وان كانت ايران تحوي في طيات شعوبه من القوميات والاطياف وا لاديان وا لمذاهب الا انها قريبة المنشا والاسس ولا يمكن ان نتصور فراغا واسعا بينها لما لديهم من التاريخ المشترك القديم جدا من جهة، وعدم وجود مسند او ظهر مدافع عن المكونات الاخرى غير الفارسية بشكل مباشر في الدول المجاورة لها من جهة اخرى . وليست هناك قوة خارجية لها القدرة على دعمهم وتتحمل ضرب مصالحها لدى المركز الايراني . ومن جانب اخر ان الثورة الايرانية لم يطول مخاضها كثيرا، بحيث بقت المكونات والواقع الاجتماعي كما هو ولم يتغير الا قليلا جدا، لعدم حدوث الاحتراب الداخلي بين المكونات عدى ما حدث بين الكورد والسلطة الجديدة، وتمكنت قوة الايديولوجيا المسيطرة والدين والمذهب ان تسيطر على الوضع، فلم تحتك المكونات بشكل قوي ولم يدخل الثار بينهم بشكل كبير ولم تتعمق التناقضات والتجاوزات والفروقات، وكان من السهولة اعادة الامر الى ما كان عليه قبل الثورة . اما الحشد الشعبي في العراق مابعد سقوط الدكتاتورية وما مر به الشعب العراقي ومكوناته المختلفة خلال اكثر من عقد ونيف، لا يمكن مقارنة حالهم بما حصل في ايران من اية ناحية كانت، وتغيرت الاحوال جذريا وحدثت التغييرات الجذرية وبالاخص بعد مجيء داعش فاوصل الحال الى ما لا يمكن ان نتوقع اعادتها الى ما كانت عليه قبل مجيئه الا في سنين وهذا لا يتحمله احد، هذا من جهة، اما من جهة اخرى، فان العمق المذهبي للسنة من حيث الموقع الجغرافي يختلف عن ما موجودة فيه المكونات في ايران، وان التواصل بين المكون السني بين البلدان المجاورة مع العراق، من السهولة بشكل لا يمكن ان تتمكن اية قوة وليس الحشد الشعبي فقط ان تسيطر على الوضع ، وعليه لا يمكن ان نتوقع ان ينجح الحشد الشعبي كما نجح الحرس الثوري، بل التناقضات التي فرضتها التغييرات التي حصلت بعد السقوط لا يمكن ان نتظراندمال الجرح العميق فيها باية طريقة كانت، مهما ادعى البعض او كيفما كانت قوة الحشد . ان الانسجام بين المكونات العراقية ليست بالقوة نتيجة حدوث التخلخل الكبير، ولا يمكن ان تفرض قوة حديثة كالحشد الشعبيي نفسها على المكون السني او الكوردي بسهولة . وعليه، وان كان هدف السلطة التي تسيطر عليها المكون الشيعي في العراق هو السيطرة على العراق بشكل كامل بهذه القوة، بعد حل حال داعش وقضيته، ان هذا يمكن ان يبقى حلما، ولا يمكن تحقيقه في وقت معين وبالسهولة التي نجح فيها الحرس الثوري في ايران في وقت قياسي .

وعليه، ان نوت السلطة العراقية تكرار ما اقدمت عليه ايران فقد تخطا كثيرا، ولا يمكن تقليد اية دولة في ادارة البلد، ويمكن ان يكون مصير البلد الانشقاق الاكبر او التقسيم في اول خطوة نتيجة ردود الفعل المتوقعة من استخدام الحشد الشعبي ضد القوى الداخلية، والعراق لا يمكن ان يتحمل اكثر مما تحمله في تاريخه الحديث .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم