أقلام حرة

غطاء العفة الوهمي

 

إنكار الدعارة والانحراف يتم في ظل تفاقم هذه الظواهر لدرجة مخيفة، وبين الواقع الحقيقي والحقائق الوهمية التي تصرح بها الدول، فرق كبير.

 

كما أن تغطية الشمس بالغربال لا تنفع، ولا ينفع أيضا دفن الرأس بالتراب مثل النعامة، فالتستر على وجود انحرافات جنسية حقيقية لا يؤدي إلا إلى زيادتها ونموها وانتشارها في صمت وبدون مجهود معارض من أحد.

 

لا ينفع إنكار وجود المثلية الجنسية بالجزائر أو بأي دولة عربية أخرى، حتى ولو كانت تلك الدولة تلبس عباءة الدين وتتقمص دور رعاية الدين الإسلامي. ولا أريد ذكر أي دولة عربية تفاديا للتفسيرات والاتهامات الجاهزة.

 

كما أن نفي وجود الدعارة ببلد ما، لا يعني أنه في الواقع قد تكون هذه الدولة ماخورة العالم أو المصدر الرئيسي للرقيق الأبيض.

 

و لا ينفع التستر على جرائم البيدوفيلي في رؤية الواقع الجديد والذي يقول بأن هذا المرض تفاقم وصعد إلى السطح، ولم يعد مجرد سلوك مؤقت نتيجة غياب المرأة وتأخر سن الزواج. أتحدث هنا خاصة عن الوضع بالجزائر التي شهدت بالسنوات الأخيرة تزايدا ملحوظا جدا في ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال، ومؤخرا وبإحدى الملتقيات أنكر بعض الخبراء والأخصائيين كونه مرضا حقيقيا وتوجها جديدا للشباب وإنما هو بسبب الظروف الاقتصادية وتأخر سن الزواج.

 

ما الفائدة من التصريح بالصحافة بأن شبابنا بخير ولا يعاني من ميولات جنسية مرضية، بينما الظاهرة في ازدياد وعدد ضحاياها لا يتوقف؟

 

كما أن نظام الحكم وتماشيا مع الطبيعة الدينية للمجتمع الجزائري، يرفض الترخيص القانوني لبيوت الدعارة وجعلها تعمل في إطار قانوني منظم، مع أن بيوت الدعارة السرية وما يحدث في الواقع أكثر فظاعة مما لو كانت تلك البيوت مرخصة. مع العلم أني لست ممن ينادون بالترخيص لها، وإنما أتحدث عن التناقض في المواقف والتصريحات إرضاءا للشعب الذي يؤمن بوهم أنه يعيش في مجتمع محافظ ومتدين.

 

ليس بهذه الطريقة نحافظ على صورة الجزائر الجميلة، ليس بإنكار الواقع وتجميل الوهم.

 

*جمال الدين بوزيان

ناشط اجتماعي جزائري

[email protected]

 

صحيفة المثقفwww.almothaqaf.com     العدد: 1055  الجمعة 22/05/2009    (ارشيف الاعداد)

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي الصحيفة بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها.

 

في المثقف اليوم