أقلام حرة

فما الضير من اية خطوة ان كانت النتيجة استقرار العراق؟

emad aliيتكلم الجميع وينادي البعض ويطلب الاخر افعال وردود منها منطقية، وتصرخ مجموعة للتعامل مع المستجدات المنتظرة بحزم وصرامة، وازاء ما ينويه الكونغرس حول العراق ينبري الاخر الى طرد السفير الامريكي ومنعهم من دخول العراق وليس له القدرة هو ومن وراءه على مقاومة فصيا واحد لا اكثر، عدا المجموعات التكفيرية التي تريد ان تقتل وتسفك دماء من يتعاون او يتصافح مع امريكا، والاخر يقول دعو العراق بحر من دم ولا تخضعوا لامر المهتم، وهو جالس في بيته المترفه ويعيش باذخا لا يعلم ماذا يحصل للشعب، وكل تلك المواقف المختلفة اللاعقلانية كانت ام نابعة من الخلفيات المختلفة ومنها المخلصة ومنها الساذجة ازاء ما يدعون من تصويت الكونغرس على مشروع البايدن القديم، وبصيغة جديدة للتعامل بشكل مباشر مع اقاليم العراق الثلاثة الموجودة على الارض على الرغم من المعترضين نظريا بعيدا عن الشكل الرسمي لها .

انها امريكا والجميع يعلم كيف تتصرف والطريقة التي تمرر فيها القرارات ولا شان لاي احد فيها، لانها تكون صادرة من مصالحها قبل اي شيء اخر، والهدف من اعلانها قبل البت فيها او ابقاء سريتها كما يمكن ان تكون ايضا لمصلحتها، وليس بامكان اي كان ان يفرض ما ليس لمصلحتها الاستراتيجية الراسمالية التي تخطو وفقها اولا واخيرا، ولا يمكن ان نعتقد بانها تهتم بالشعوب على الرغم من ادعائاتها الانسانية وما تتشدق به من اهتمامها بالمفاهيم الديموقراطية وتجسيد الحرية والنظام في البلدان لم يصل الى عتبة باب مصلحتها ابدا، وما نراه من سياساتها لا تدل على ما تعلن او تدعي، لانها تدعم وتصادق وحتى تآخي انظمة لا تمت بكل تلك المفاهيم التي تدعيها بشيء .

امريكا حاولت وخسرت وتراجعت ، فاخذت بنظر الاعتبار مواقف اصدقائها في المنطقة وثم بدات انعكافها وتركت المنطقة نسبيا بهدوء دون ان تضر بمصلحتها، ودعت الحمل الثقيل من جراء افعالها على اهل المنطقة بعد مجيء اوباما وتركيزها على الوضع الداخلي الامريكي اكثر من المغامرات الخارجية كما حصل على يد من سبقه، وتدهورت الحال في العراق اكثر ووصلت الى مجيء داعش، ولا نتكلم عن الفساد والسلبيات الاخرى لدى السلطة العراقية والتدخلات الاقليمية الفضيحة في مرحلة مابعد خروج امريكا .

لنكن واقعيين اكثر من العاطفيين ولكي نتكلم بحياد وبانسانية مجردين من اي خلفية فكرية ايديولوجية حزبية وبتمعن وهدوء مع النفس ونسال ونجيب على ما يخص هذا الموضوع، اي ما ينوي الكونغرس التوصيت عليه وما يفيد العراق ام يضره .

كان العراق الى حدما في مراحل معينة من تاريخه يمر بسلام لجزء من شعبه الى درجة ما، كان يتجه نحو الامام على حساب الاجزاء الاخرى، اي المكونات والمناطق لم تكن متساوية التوجه والتقدم، والجميع على علم بذلك انكر من انكر او اقتنع او امن من امن بذلك . منذ عهد الملك فيصل ولم تكتمل مقومات الشعب الموحدة وهناك دائما التمايز والاختلافات وا لخلافات على العموم، بعد ان ادارت البلاد سلطة من شكل ونوع واحد على حساب الفسيفساء الذي يتكون منه الشعب العراقي . هذا واقع لا يمكن ان ندعي غيره . باستثناء مرحلة معينة، ان الوضع السياسي والاقتصادي للعراق لم يستقر على حال، وكان دائما منهمكا في صراعات داخلية ووصل الى حافة الانهيار بعد الحروب المتتالية الداخلية والخارجية .

منذ تحرير العراق ودخول امريكا الخط، بعدما ساعدت على اسقاط الدكتاتوريةاو هي من اسقطتها بالاحرى، انتظر العالم الوحدة والتعاون والتوجه نحو الامام من قبل اشعب العراقي، الا ان ما حصل هو الوصول الى الحضيض من العلاقات الاجتماعية الداخلية التي هي الاخطر من الحالة السياسية، فان لم تكن انت تتمكن من افراز المكونات عن بعضها ولم تجد علنا الصراعات بشكل سهل من قبل، فان الانشقاقات والانشطارات المذهبية والعرقية وصلت الى قمتها على ارض الواقع، مهما ادعينا عكس ذلك تضليلا او بدوافع عاطفية حسنة وامنيات جميلة .ان كان الهدف هو الانسان العراقي وحياته ومعيشته وامانه واستقراره ومصلحته ولا شيء غير ذلك، لان كافة المفاهيم الاخرى هو من اجل الانسان وحريته وسعادته، فلماذا لا نختار نحن قبل غيرنا الطريق المؤدية الى ذلك ونرتاح ونقطع الطريق بعيدا عن كل ما يقال من الكلمات والافكار والاداعاءات الخيالية غير الموجودة على ارض الواقع . فنجد من يعيش في الفنادق الراقية في لندن وباريس وعواصم العالم ويصرخ عاليا ويخوٌن هذا وذاك ان وافق على الفدرالية التي هي اساسا للنظام في العراق وفق دستوره الذي وافق عليه النسبة الكبيرة وليس صغيرة من الشعب . فان كان الهدف هو مصلحة الفرد العراقي وكل ما يهمه وان كانت الامنية هو ضمان مستقبل الاجيال القادمة وان تاكد الجميع بانه يتحقق في التعامل الواقعي مع ما يفكر به المكونات على الارض وليس الشعارات، فلماذا عدم التطبيق لما يفرضه الواقع للخلاص من كل تلك الازمات، وبعد تعمق الخلافات والاحتكاكات والمحاربات التي فرقت الصفوف ولا يمكن ردمها او اندمال الجراح لاجيال عدة قادمة مهما حاولنا، وعلى الاقل نوقف النزيف ونبدا اليوم بما هو المناسب . فبهذه السمات والصفات والعقليات والتوجهات الموجودة لدى المكونات كافة ونظرتهم الى العراق وما فيه ويعملون وليس ما يتكلمون به لا يمكن ان نجد شعبا موحدا لسنوات طوال اخرى، ان لم نعد اصلا اكثر الى الوراء كما حصل ويحصل لحد الان .

ان كانت الفدرالية قانونية معتمدة وتؤدي الى الهدوء وعدم الاحتكاك بين المكونات، وتحقق لهم ليس اهدافهم السامية وانما راحتهم واستقرارهم، لنقل لمدة معينة، وان اكتشفت هذه المكونات المتناحرة خطا خطواتهم فمن السهل اعاة النظر، وتكون حينئذ الوحدة بقناعة كاملة وبتعاون الجميع .

اذا،نعيد ونكرر كما تكلمنا منذ السقوط ونادينا العقول النيرة، وقلنا اعتمدوا على الواقع وتاريخ البلد ومافيه الشعب وادرسوه وقيٌموه على حقيقته وعموميته، وليس العلاقات ونظرة النخبة والمثقفين فقط . قلناه وكررنا ان تاخير تحقيق الاهداف يزيد الابتعاد عن البعض اكثر ويزيد الهوة ونخسر الدماء اكثر، وما حصل في النهاية هو مجيء داعش . والجميع اعلم، لو ان المناطق التي تمكن داعش من اجتياحها، لو كانت متعاونة ومتحدة ومؤمنة بما هي عليها من السلطة ومستقرة نفسيا وسياسيا وغير متصارعة مذهبيا وعرقيا، وانها من النوع ذاته الذي يحس بالغبن بعد سنوات حكمه الحقيقي للعراق على الارض، فانه كان من الصعب ان يستغلها داعش بهذه السهولة، علاوة على ما تلقاه من الايدي الممتدة اليه من اهل المنطقة وتعاونوا معه ليس اكثرهم حبا به ولكن كرها بالسلطة والمكون الاخر .

مهما طال الزمن وكنا نعيش في هذه المنطقة والشعب العراقي على حالته وتركيبته وعقلية المكونات وثقافتها التي لا يمكن ان نتوقع ان تتغير بين ليلة وضحاها، فاننا يجب ان ننتظر الاسوا لو لم نجد الحل الجذري . فان توزيع المشاكل على مجموعة اكثر من واحد يخفف من وطئتها على كل منهم، كما توضحه لنا الرياضيات قبل السياسة، وقطع دابر العامل التفرقة يؤدي الى الاتحاد، والاعتماد على عوامل الوحدة والتعاون والتفاهم يؤدي الى الامان . وان كنا اكثر صراحة فان العقلية العراقية بشكل عام وليس من خلال التقيم من قبل مجموعات او فئات، لم تصل الى الايمان بالشعب والمواطنة والتفكير والعمل والتعامل مع الاخر وفق ما تفرضها، لا بل اننا نجد السلطة ومن يديرها لم تصل الى النظر الى الفئات والمكونات بالعين ذاتها، اضافة الى ما تفرضه التدخلات الخارجية التي تقع دائما على حساب الدم العراقي اينما كان . اذا، دعونا كما نحن طالما نعلم اننا في هذا المستوى، فيجب ان نضع يدنا على ما يؤذينا ونعالجه ليس اعتمادا على العرافين والمشعوذين من اصحاب المصالح الذين لا يمكن ان يكونوا واقعيين من سياسيي الفنادق والمنعكفين في دول الجوار .

لو عملنا واقعيا من قبل، لكنا وفرنا الدماء الكبيرة التي سكبت غدرا، ولم تكن من اجل اهداف امنيات تقع لصالح الشعب العراقي، مهما ادعى السياسيين المصلحيين غير ذلك . ان من رفع صوته بالامس متزايدا ليس الا وهو المنتفع من مرحلة مابعد السقوط، ويخاف على مستقبله من سحب البساط من تحت رجليه، ليكون الشعب هو الحاكم وتتبين حقيقة المزيفين والمضللين الذين يتكلمون باسم المباديء وليسوا اهل لها على ارض الواقع، والخاسر الاكبر من توجهاتهم وفعل ايديهم هو الشعب العراقي ومنه الفقراء المعدمين بشكل مطلق . قطرة دم شهيد بالف مفهوم خيالي وحتى بالف بلد . فدعو الاوهام، والى متى الاستمرار على ما نصبه لكم الاستعمار بحيل وخداع ولازال يريد الاستمرار به بشكل وطريقة اخرى . وان وقع الفاس على الراس اكثر، فان اول الهاربين هم هؤلاء المتادلجين المتخذين عاطفة الناس وخلفياتهم واعتقاداتهم سلاحا فتاكا لتحقيق مصالحهم الضيقة، دون اي اعتبار للخسائر والدماء التي تسفك دون اي دواعي حقيقية بعيدا عن الانسانية وحرية وحياة الانسان العراقي . اننا لم نلق عمل خير من الاستعمار والراسمالية ولن نلق، ولكن ان كانت مصالحها تتوافق مع مصلحة الشعب العراقي الان على واقعه وما هو عليه، فلماذا نكون نحن معرقلا ومعيقا امام ما يهمنا في حقيقة الامر. يجب ان نفكر بعقلانية وبخبرة والاتعاض من ما مررنا به، بعيدا عن خيالات المتطرفين سواء السياسيين او من لازال متمسكا بما كان عليه ابان حكم السلطان .    

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم