أقلام حرة

هل البيشمركَة قوات بريطانية؟

emad aliاعلن ديفيد كاميرون بان البيشمركَة هي قواتهم البرية. وهذا له دلالات مختلفة ولا يمكن ان تعبر عن الجميع بسهولة. سواء علم ام لم يعلم رئيس الوزراء البريكاني ان الاساس الفكري والواقع الذي انبثقت منه البيشمركة هو الذي خلفه سلوك وتعامل والترسيم الذي خلقه بلد كاميرون الاستعمارية، اي سياسات بلده وتاريخهم المشؤوم في المنطقة هو الذي خلقو فرض ضرورة انبثاق البيشمركَة كي تدافع عن نفسها وتطالب بحقوق الشعب الكوردي، لولا الحاق كوردستان بالعراق قسرا ومحاربة بلد السيد كامرون للشيخ محمود ووأد حركته المسلحة وثورته ونفيه من اجل تحقيق اهداف شعبه الاستعمارية لما كانت هناك اليوم البيشمركَة بما هو عليه اليوم،و لما قدم الشعب الكوردي كل هذه التضحيات الكبيرة جراء ما تعرض له طوال تاريخه خلال هذا القرن المشؤون عليه. ولولا بلد كاميرون وطموعها وعنجهيتها لما كان الواقع الكوردستاني على حاله، وكانت راية الدولة الكوردية اليوم ترفرف بين رايات دول العالم في الامم المتحدة .و بعد حوالي قرن كامل وان تناسى او لم يعتبر للشعب الكوردي ويعتقد بانه لم يتذكر ما حصل وهو غارق في تخلفه وياتي السيد البريطاني ان يفتخر بقوات تاسست اصلا للمقاومة من الانصهار والاندثار والفناء الذي خلقته بلد كاميرون ومصلحتها، ويعتبرهم قواته البرية في محاربة داعش .

اما اليوم وما نحن فيه، فهل يعقل ان تكون البيشمركَة قوة بيد هذا البلد او ذاك، اينما اُمرت ان تحارب سواء داخل ارض كوردستان اوخارجها ؟ فلا يمكن ان يفرض الضعف على قوات شريفة لها تاريخ مشرق ويفتخر به الشعب ان تحارب كمرتزقة مهما تطلبت المصالح ذلك، وان كانت محاربة داعش فاننا يجب ان ندافع عن ارضنا وعرضنا وان لا نتطاول اكث رمن ذلك مهما تطلبت المصالح الضيقة، والدول الاستعمارية التي لازالت مصالحها في بقاء في هذه المنطقة يجب ان تاتي بنفسها وتفعل ما تريد وولت زمن الارتزاق والتبعية والان زمان المصالح المتبادلة .

المساويء الكبيرة لفعل كهذا ستقع على البيشمركَة والشعب الكوردي وتاريخه وستكون على حساب التاريخ والمصالح والاستراتجية والسمعة الطيبة التي يحملها الشعب الكوردي، لانه: سوف تنظر شعوب المنطقة وحتى العالم الى البيشمركة على انها الاداة والقوة الطائعة بيد الدولة الاستعمارية المشينة التاريخ اينما ارادت ان تحركها، وهذا يسود تاريخ البيشمركَة ونضالاته ومفاخره وتضحياته وتصغر امام عيون القريب والبعيد، وهو سجلت مفخرة لها امام داعش وافعاله ونياته التوسعية ووقفته عند حده. وستتغير نظرة دول المنطقة والمناصرين للقضية الكوردية والتنظيمات المتعاطفة معها بشكل كامل وجذري . ان قبلت البيشمركَة بما تنويه هذه الدول وليست بريطانيا فقط، فانها ستثبت دونيتها وخضوعها وهي تفقد احترامها امام الجميع وهؤلاء المصلحيين قبل غيرهم. وهذا ما لا يريده الشعب الكوردي ولا يتقبله تاريخ البيشمركَة الناصع، وان كان تكتيكا مؤقتا الا انه سيقع على حساب الاستراتيجية، وسيقع على حساب الاهداف التي تناضل من اجلها، ولن يكونمستقبلها مضمونا لان تلك البلدان فنسها ستهملها بعد ان تنفذ ما تريد، وستفقد البيشمركَة ارادتها الذاتية وما تاسست من اجله اساسا .

ونقول هنا، لو كان للسيد كاميرون نظرة احترام وله الحسابات الدبلوماسية لما تفوه بما قاله، بل كان عليه على الاقل ان يقول باحترام ان قوات البيشمركَة لم يدع فراغا لكي نحتاج نحن الى ارسال قواتنا الى المنطقة وان يتكلم بلغة اكثر احتراما للاخرين . والا وهو يعتبر البيشمركَة قواته فهذا نابع من غروره وكلامه من العلياء وعدم الحساب للاخر، وهو لم يتذكر تاريخ بلده وتعاملها مع اجداد البيشمركَة، فكان الاجدر به في اسوا الاحوال ان يدع الكلام للاخرين في هذا الشان، وان كان اي بلد اخر يتكلم بهذا النهج يمكن ان لا يعاتب عليه اي منا، اما بريطانيا يبدوا انها نست ولكن الشعب الكوردي لا ينسى، وما قدمه من التضحيات وما حصل له جراء الاساس الذي بنيت عليه المنطقة وعدم الحساب له من قبل الدولة الاستعمارية الجشعة المصلحية وما كانت عليه حينئذ، ولا يمكن ان ينسى اي شعب تاريخه والا لا يمكن ان يضمن مستقبله، ويجب الا تذهب هذه التضحيات التي تقدمت وكانت نتيجة رفع الظلم الذي فرضته دولة بريكانيا الاستعمارية الجاحدة وعدم حسابها لسعوب المنطقة وما رسمته من الحدود المفروضة من جهة، ومحاربتها لطموح الشعب الكوردي بذاتها من جهة اخرى .

وان كان ما يقصده السيد كامرون من ان لا فرق بين قوات البيشمركَة وهو يدافع بقوة وعزيمة داعش ومن لف لفه، ومادام قوة البيشمركَة موجودة لتدافع عن المنطقة فلا يحتاج ارسال قوات بلده، فهذا كلام اخر فلا يمكن الحساب عليه .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم