أقلام حرة

لماذا يتهربون من المسؤلية في بغداد؟

لقد اوصلوا العراق الى الحضيض بعد اكثر من عقد على سقوط الدكتاتورية، ولا نلمس من يتجرا على ان يقول الحقيقة ويدرك ما الت اليه الاوضاع وما فعلته ايديهم ويتحملوا مسؤلية ما جرى، ولم نر مسؤلا الا ووضع المسؤلية على عاتق الاخر سواء داخليا كان ام خارجيا، واكثرهم يستندون على نظرية المؤامرة وهي اسهل طريقة للتهرب من المسؤلية التي كان من الواجب ان يعترفوا صراحة بما اقترفت ايديهم، وهم سبب والعلة الرئيسية فيما جرى، والا فان الدول كافة تبحث عن مصالحها وتقوم بما عليها ومن اجل ضمان مصلحتها وتقدم علىما تتمكن من تنفيذ مهامها وتحقيق اهدافها .

منذ العصور الغابرة والسلطة والحكم سائر على الحيل والكذب والخداع من اجل ضمان مصلحة الجموع او الكل، وان اضرت بمصلحة الفرد او الذات، ولا يمكن ان نستثني حتى زمن الانبياء والرسل والخلفاء في عصور صدر الاسلام وما يعده . لو تمعنا عما جرى اثناء الحروب بقيادة محمد الرسول وما بعده وكيف احيكت خطط وما فعلوه ليفرقوا بين صفوف اعدائهم لحين السيطرة التامة على الامور بعد تقوية ظهرهم وانتشارهم وكيف ساوموا من اجل اهداف اكبر، لحين الوصول الى عصرنا وما نشهده من التغييرات باشكال ومحتويات مختلفة، بحيث اصبحت الحيل والخداع والحصول على المراد وتحقيق الاهداف بطرق سلمية وما تُسمى اليوم بالدبلوماسية، وفرض المطاليب استنادا على القوة والخلفية والامكانيات الاقتصادية والسياسية وليس العسكرية فقط كما كانت.

منذ سقوط الدكتاتورية، وكلما واجه اي مسؤل اية مشكلة لم يتعذر عليهم شرحها وفصلها الا ان يعلنوا عن السبب المكشوف، وهو المؤامرة ومن فعل خارجي وتخطيط الاعداء. والا ان المؤامرات سارية في كل مكان وزمان وعلى الجميع ان يحمي انفسهم، اي ان يمتنعوا عن الاصابة بهذا المرض العضال من خلال مناعة قوية في كل مرحلة وعصر ومن خلال بناء حاجز وحاجب باي شكل كان من اجل ضمان السير الصحيح لتنفيذ الخطط الخمسية والاستراتيجية في حكومة متراصة موحدة ومنبثقة من الشعب وهو الذي يدعمها في السراء والضراء، والا اي خلل بين الحكومة والشعب يخلق هوة وثغرات لدخول الاعداء من خلالها. اننا ان اقتنعنا بوجود المؤامرة وهي موجودة في كل وقت، فان ما نلوم في نجاحها هوانفسنا، والسؤال المنطقي هو؛ لماذا لا نمانع او نمتنع عن اصابتنا بها .

ان المشكلة الرئيسية هي عدم التحدي للمؤامرات وانما التهرب من تحمل المسؤلية في هذا الامر، وابعادها عن النفس من اجل مصالح ضيقة وعلى حساب المصالح العليا . ومن هذا يستوضح لنا ان العراق ليس بدولة متماسكة، وفيها من مراكز القرار التي لا يمكن ان تتحمل المسؤلية وتعلنها لما وصل اليه العراق من هذا الوضع المتردي، اي عدا المؤامرات التي تحاك وهي كالمرض الذي يدخل دائما في الجسم الهزيل . فان كان صاحب الجسم ليس بحامل المناعة المطلوبة من جهة، ولم يحاول تقوية الذات باخذ المصل واللقاحات فانه يتراجع يوميا عن ما كان عليه من القوة والتماسك، لا بل تتفكك اعضاءه وتبتعد عن التواصل مع بعضها، كما تزداد الهوة بين مكونات الشعب كما تتفكك اعضاء الجسم اثر انتشار المرض، والسلطة تضعف اكثر فاكثر في كل يوم يسير فيه، وما يسيرفيه هو التفكك البطيء وفسح المجال لتنفيذ تلك المؤامرات الداخلية كانت ما الخارجية التي تقع كلها على حساب الشعب ومستقبله .

اما السؤال الرئيسي فهو؛ لماذا يتهرب المسؤلون عن تحمل المسؤلية ويحمل من ضيق الافق، فله اسباب ذاتية نابعة من قدرة المسؤل العقلية والفكرية والفلسفية وموقعه ونظرته الى العراق والمرحلة وا لمنطقة وخلفيته العرقية الدينية المذهبية، وكيف يتعامل مع العراق والمستجدات فيه وما يجري في المنطقة .

مما سبق يبني لنا موقفا ورايا، ان السلطة في العراق يديرها من ليس له الامكانية في مواجهات الصعوبات والتحديات التي تواجه اي بلد، واسهل حجة وعذر لفشلهم هو ما تفعله نظرية المؤامرة وتعرقلهم على ادارة البلد . وانه ايضا اسهل طريقة للتهرب منعلى الذات والقاء المسؤلية على الاخر، وعدم الالتفات الى كيفية اداء الواجب الملقاة على عاتقهم، وبه يعود البلد خطوات عديدة في كل مرحلة وما تتخلله من المشاكل الى ان يتفكك نهائيا في المستقبل المنظور كما نرى . وان قلنا هذا في العراق وما هو فيه، فان اقليم كوردستان ليس بافضل منه، والمستفيد الوحيد هو الجوار والدول الكبرى ذات المصلحة التي تستغل ظروف العراق وما فيه من اجل تنفيذ اجنداتهم وخططهم فيه وفي المنطقة بشكل عام. ونقول اخيرا ان التهرب من المسؤلية لا يمكن ان تفيدهم الى النهاية، بل سيقعون في المستنقع اليوم كان ام غدا ولا يعلم احد النتيجة النهائية لما يصلون اليه وما يصل اليه العراق كدولة ايضا.

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم